الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويجب ) [ ص: 486 ] ( تقديمها ) أي الصلاة ( على الدفن ) وتأخيرها عن الغسل أو التيمم عند وجود مسوغه ، فلو دفن من غير صلاة أتم الدافنون والراضون بدفنه قبلها لوجوب تقديمها عليه إن لم يكن ثم عذر ، ويصلى على قبره ; لأنه لا ينبش للصلاة عليه كما يؤخذ من قوله ( وتصح بعده ) أي بعد الدفن للاتباع في خبر الصحيحين بشرط أن لا يتقدم على القبر كما سيأتي في المسائل المنثورة ، ويسقط الفرض بالصلاة على القبر على الصحيح ( والأصح تخصيص الصحة ) أي صحة الصلاة على الغائب والقبر ( بمن كان من أهل ) أداء ( فرضها وقت الموت ) دون غيره ; لأن غيره متنفل وهذه لا يتنفل بها .

                                                                                                                            قال الزركشي : معناه لا تفعل مرة بعد أخرى : وقال في المجموع : معناه أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة ، بخلاف صلاة الظهر يؤتى بصورتها ابتداء بلا سبب ، ثم قال : لكن ما قالوه ينتقض بصلاة النساء مع الرجال فإنها نافلة لهن مع صحتها ، ولو أعيدت وقعت نافلة خلافا للقاضي ، ولعله مستثنى من قولهم : إن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد على أنه يمكن الجواب عن ذلك بأن محل كلامهم إذا كان عدم الطلب لها لذاتها ، وهنا ليس كذلك بل لأمر خارج وهو امتياز هذه الصلاة عن غيرها وهو أنه لا يتنفل بها .

                                                                                                                            أما لو صلى عليها من لم يصل أولا فإنها تقع له فرضا .

                                                                                                                            قد اعترض ابن العماد كلام المجموع في قوله بخلاف الظهر بأنه خطأ صريح ، فإن الظهر لا يجوز للإنسان ابتداء فعله من غير سبب ; لأنه تعاطى عبادة لم يؤمر بها وهو حرام .

                                                                                                                            والأسباب التي تؤدى بها الظهر ثلاثة : الأداء والقضاء والإعادة ، ورده الوالد رحمه الله تعالى بأن ما قاله هو الخطأ الصريح لخطئه في فهم كلام المصنف ، وإنما يرد ما قاله لو قال في المجموع يؤدى بها ، وقضية اعتبار كونه من أهل الفرض يوم الموت منع الكافر والحائض يومئذ ، وهو كذلك كما صرح به المتولي وهو ظاهر كلام الأصحاب ، واعتبار الموت يقتضي أنه لو بلغ أو أفاق بعد الموت وقبل الغسل لم يعتبر ذلك ، والصواب خلافه ; لأنه لو لم يكن ثم غيره لزمته الصلاة اتفاقا ، وكذا لو كان ثم غيره فترك الجميع فإنهم يأثمون ، بل لو زال المانع بعد الغسل أو بعد الصلاة عليه وأدرك زمنا تمكن فيه الصلاة كان كذلك ، وحينئذ فينبغي الضبط بمن كان من أهل فرضها وقت الدفن لئلا يرد ما قيل ، وعلم من ذلك جواز الصلاة على القبر أبدا بشرط الذي ذكرناه ، ولا يتقيد بثلاثة أيام ولا بمدة بقائه قبل بلائه ولا [ ص: 487 ] بتفسخه ، ومقابل الأصح اختصاص ذلك بمن كان من أهل الصلاة وقت الموت ، فمن كان وقته غير مميز صحت صلاته قطعا ، ومن كان وقته مميزا لا تصح صلاته على الأول وتصح على الثاني .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولو أعيدت ) إلخ ولو مرارا ومنفردا ، وعبارة سم على بهجة قوله ولو أعيدت يتجه أنه لا يتقيد جواز إعادتها بالمرة الواحدة ، ويؤيده أن المقصود بها الشفاعة والدعاء ، والدعاء لا يعلم حصول المطلوب به بمرة معينة بل لو علم حصوله بها أمكن أن يحصل بغيرها زيادة فليراجع ( قوله : وقبل الغسل ) ليس بقيد بل وكذا بعده وقبل الدفن وسيأتي له ( قوله : وعلم من ذلك جواز الصلاة على القبر ) ظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين المقبرة المنبوشة وغيرها وهي في المنبوشة مشكل للعلم بنجاسة [ ص: 487 ] ما تحت الميت فلعل المراد غير المنبوشة فليراجع ، على أن في غير المنبوشة يتحقق انفجاره عادة ونجاسة كفنه بالصديد اللهم إلا أن يقال : إن هذا دوام واغتفر لقصد الدعاء والشفاعة له فليتأمل ، ويصرح بالتعميم قول الشارح : ولا يتقيد بثلاثة أيام ، وقوله السابق : ولو صلى على من مات في يومه أو سنته وطهر في أقطار الأرض جاز



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 485 - 486 ] قوله : قال الزركشي لا تفعل مرة بعد أخرى ) هذا حمل لقولهم إنها لا يتنفل بها في حد ذاته ، وإلا لو نظرنا إلى هذا الحمل لم يصلح المحمول للتعليل كما لا يخفى ( قوله : يؤتى بصورتها ) بأن يتنفل بأربع ركعات على صورة الظهر ( قوله : ثم قال لكن ما قالوه ينتقض إلخ ) هذا لا يتأتى بعد حمله المار ( قوله : بل لأمر خارج وهو امتياز إلخ ) فيه وقفة لا تخفى على المتأمل ( قوله : يوم الموت ) أي وقته وكان الأولى التعبير به ( قوله : وهو كذلك ) اختياره لهذا لا يلائم ما سيأتي له قريبا من الضبط ( قوله : ; لأنه لو لم يكن ثم غيره لزمته ) أي فضلا عن صحتها منه ، وإلا فاللزوم أخص من الصحة التي الكلام فيه ( قوله : يأثمون ) أي وهو منهم .




                                                                                                                            الخدمات العلمية