الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        التاسعة : حلف لا يأكل الفاكهة ، حنث بأكل العنب ، والرمان ، والرطب ، والتفاح ، والسفرجل ، والكمثرى ، والمشمش ، والخوخ ، والأجاص ، والأترج ، والنارنج ، والليمون ، والنبق ، والموز ، والتين ، ولا يحنث بالقثاء والخيار والباذنجان والجزر ، ويحنث بالبطيخ على الأصح ، وبه قال ابن سريج ، لأن له نضجا وإدراكا ، ويدخل في اسم الفاكهة الرطب واليابس ، كالتمر والزبيب والتين اليابس ، ومفلق الخوخ [ ص: 44 ] والمشمش ، وهل يحنث بلب الفستق والبندق وغيرهما ؟ وجهان أصحهما : نعم ، لأنه يعد من يابس الفاكهة ، كذا قاله الجمهور ، وقالوا : لو حلف لا يأكل الثمار ، حنث بالرطب دون اليابسات . وقال المتولي : لا يحنث باليابس في يمين الفاكهة أيضا . والصحيح : الأول . العاشرة : حلف : لا يأكل البيض ، ثم حلف : ليأكلن ما في كم زيد ، فإذا هو بيض ، فجعله في الناطف وأكله كله ، لا يحنث في واحدة من اليمينين ، ولا بد من أكل جميعه .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        يتعلق بهذا النوع : الرطب ليس بتمر ، والعنب ليس بزبيب ، وعصير العنب ليس بعنب ، وعصير التمر ودبسه ليس بتمر ، والسمسم ليس بشيرج ، وكذا العكوس . والرطب ليس ببسر ولا بلح . ولو حلف : لا يأكل الرطب ، فأكل المنصف ، نظر ، إن أكل النصف الذي أرطب ، حنث قطعا ، وإن أكل الجميع ، حنث على الصحيح ، وخالف فيه الاصطخري ، وأبو علي الطبري . وإن أكل النصف الذي لم يرطب ، لم يحنث ، ولو حلف : لا يأكل البسر ، فأكل المنصف ، ففيه هذا التفصيل ، والحكم بالعكس . ولو حلف : لا يأكل بسرة ولا رطبة ، فأكل منصفا ، لم يحنث . ولو حلف : لا يأكل طعاما ، تناول اللفظ القوت والأدام والفاكهة والحلواء . وفي الدواء وجهان . ولو حلف : لا يأكل قوتا ، حنث بأكل ما يقتات من الحبوب ، ويحنث بالتمر والزبيب واللحم إن كان ممن يقتاتها ، وحلا فوجهان . ولوحلف : لا يأكل إداما ، حنث بكل ما يؤتدم به ، سواء كان مما يصطبغ به ، كالخل والدبس والشيرج والزيت والسمن والمربى ، أو لا يصطبغ به كاللحم والجبن والبقل والبصل والفجل والثمار ، وكذا التمر والملح على الصحيح فيهما .

                                                                                                                                                                        [ ص: 45 ] واسم الماء يتناول العذب والملح ، ومياه الآبار والأنهار ، وكذا ماء البحر ، وفيه احتمال للشيخ أبي حامد . فلو حلف : لا يشرب الماء ، لم يحنث بأكل الجمد والثلج ، ويحنث بشرب مائهما . ولو حلف : لا يأكل الجمد والثلج ، لم يحنث بشرب مائهما . والثلج ليس بجمد ، وكذا العكس . ولو حلف : لا يأكل مما طبخه زيد ، فالاعتبار فيه بالإيقاد إلى الإدراك ، أو وضع القدر في التنور بعد سجره ، فإن أوقد زيد تحته حتى أدرك ، أو وضعها في التنور فأكل منه ، حنث ، سواء وجد نصب القدر وتقطيع اللحم ، وصب الماء عليه ، وجمع التوابل ، وسجر التنور منه ، أو من غيره . ولو أوقد ، أو وضع في التنور مع غيره ، لم يحنث ، لأنه لم ينفرد بالطبخ ، وكذا لو أوقد هذا ساعة ، وهذا ساعة . قال الإمام : ولو جلس الحاذق بالطبخ قريبا ، واستخدم صبيا في الإيقاد ، وقلل أو كثر ففيه تردد ، إذ يضاف الطبخ هنا إلى الأستاذ . ولو قال : لا آكل ما خبزه فلان ، فالاعتبار بإلصاقه إلى التنور ، لا بالعجن وسجر التنور وتقطيع الرغفان وبسطها .

                                                                                                                                                                        قلت : ولو حلف : لا يأكل ثريدا ، لم يحنث بخبز غير مثرود في مرق . - والله أعلم - .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية