الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 258 - 262 ] ( وإذا أراد الإمام العود ومعه مواش فلم يقدر على نقلها إلى دار الإسلام ذبحها وحرقها ولا يعقرها ولا يتركها ) وقال الشافعي رحمه الله : يتركها لأنه عليه الصلاة والسلام { نهى عن ذبح الشاة إلا لمأكلة }.

                                                                                                        ولنا أن ذبح الحيوان يجوز لغرض صحيح ولا غرض أصح من كسر شوكة الأعداء ، ثم يحرق بالنار لينقطع منفعته عن الكفار وصار كتخريب البنيان .

                                                                                                        [ ص: 263 ] بخلاف التحريق قبل الذبح لأنه منهي عنه ، وبخلاف العقر لأنه مثلة وتحرق الأسلحة أيضا وما لا يحترق منها يدفن في موضع لا يطلع عليه الكفار إبطالا للمنفعة عليهم .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الرابع : روي { أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذبح الشاة إلا لمأكلة }قلت : غريب وروى ابن أبي شيبة في " مصنفه " حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد ، قال : حدثت أن أبا بكر بعث جيوشا إلى الشام ، فخرج يتبع يزيد بن أبي سفيان ، فقال : إني أوصيك بعشر : لا تقتلن صبيا ، ولا امرأة ، ولا كبيرا هرما ، ولا تقطعن شجرا مثمرا ، ولا تعقرن شاة ، ولا بقرة ، إلا لمأكلة ، ولا تخربن عامرا ، ولا تغرقن نخلا ، ولا تحرقنه ، ولا تجبن ، ولا تغلل انتهى .

                                                                                                        وهو في " موطإ مالك في أول الجهاد " ، وقال أبو مصعب : أخبرنا مالك عن يحيى بن سعيد ، أن أبا بكر الصديق بعث جيوشا ، إلى آخره . [ ص: 263 ] قوله : بخلاف التحريق ، قبل الذبح ، فإنه منهي عنه

                                                                                                        قلت : فيه أحاديث : فأخرج البخاري عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة ، قال : { بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث ، فقال لنا : إن وجدتم فلانا وفلانا ، فأحرقوهما بالنار ، فلما خرجنا دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن وجدتم فلانا وفلانا ، فاقتلوهما ولا تحرقوهما ، فإنه لا يعذب بها إلا الله }انتهى .

                                                                                                        ورواه البزار في " مسنده " ، { وسمى الرجلين ، فقال فيه : فقال : إن وجدتم هبار بن الأسود . ونافع بن عبد القيس ، فحرقوهما بالنار ، قال : وكانا قد نخسا بزينب ، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرجت من مكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلم تزل ضنية حتى ماتت ، فلما خرجنا دعانا }

                                                                                                        ، الحديث وطوله البيهقي في " دلائل النبوة " ، وفيه : { إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة خرجت ابنته زينب تريد أن تلحق بأبيها مختفية ، فأدركها هبار بن الأسود ، ونافع بن قيس الفهري ، فروعاها بالرمح ، وهي في هودجها حتى صرعاها ، وألقت ما في بطنها ، وأهريقت دما ، وكانت تحت أبي العاص } ، وكذلك ابن سعد في " الطبقات " طوله ، وقال فيه : { وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل أخوي هبار بن الأسود يوم بدر ، زمعة ، وعقيل ابني الأسود }.

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البخاري أيضا في استتابة المرتدين أن عليا أتى بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس ، فقال : لو كنت أنا لم أحرقهم ، لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لا تعذبوا بعذاب الله } ، ولقتلتهم ، لقوله عليه السلام : { من بدل دينه فاقتلوه }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ، قال : { كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر ، فانطلق لحاجته ، فرأى حمرة معها فرخان ، فأخذنا فرخيها ، فجاءت الحمرة ، فجعلت تفرش ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : من فجع هذه بولدها ، ردوه [ ص: 264 ] عليها ، ورأى قرية نمل قد حرقناها ، فقال : من حرق هذه ؟ قلنا : نحن ، قال : إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار إلا رب النار } ، انتهى .

                                                                                                        قال المنذري : ذكر البخاري ، وابن أبي حاتم أن عبد الرحمن بن عبد الله سمع من أبيه ، وصحح الترمذي حديثه عنه في " جامعه " .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرج البزار في " مسنده " عن عثمان بن حبان ، قال : { كنت عند أم الدرداء ، فأخذت برغوثا فألقته في النار ، فقال : سمعت أبا الدرداء يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا يعذب بالنار إلا رب النار }انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه .




                                                                                                        الخدمات العلمية