الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( و ) من سننه ( إطالة غرته ) لما صح من قوله صلى الله عليه وسلم { أنتم الغر المحجلون يوم القيامة ، فمن استطاع منكم فليطل غرته وتحجيله } ومعنى غرا محجلين : بيض الوجوه واليدين والرجلين كالفرس الأغر : وهو الذي في وجهه بياض ، والمحجل : وهو الذي قوائمه بيض .

                                                                                                                            والإطالة فيها غسل الزائد على الواجب من الوجه من جميع جوانبه .

                                                                                                                            وغايتها غسل صفحتي العنق مع مقدمات الرأس ( و ) إطالة ( تحجيله ) بغسل [ ص: 194 ] الزائد عن الواجب من اليدين والرجلين من جميع الجوانب ، وغايته استيعاب العضدين والساقين : وعلم مما تقرر أن كلا من الغرة والتحجيل شامل لمحل الغسل الواجب والمسنون ، ولا فرق في سن تطويلهما بين بقاء محل الفرض وسقوطه ، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور خلافا للإمام

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : في المتن وإطالة غرته إلخ ) قال الإسنوي : كلامه يدل على أنه يشترط اتصالها بالواجب وأنه إن شاء قدمها وإن شاء قدمه ا هـ عميرة .

                                                                                                                            وظاهر أن محله فيما لو قدمها على غسل الوجه حيث سبقت نية معتد بها كأن نوى عند المضمضة وانغسل بما فعله جزء من الشفتين فإن النية صحيحة والغسل لاغ إن لم يقصد الوجه وإن قصده اعتد به ،

                                                                                                                            وفي الحالين لو غسل بعد المضمضة صفحتي العنق ثم الوجه أجزأ ذلك لأن الغرة في هذه الحالة متأخرة عن النية ( قوله : الغر المحجلون إلخ ) وفي رواية { إن أمتي يدعون } بضم أوله : أي ينادون أو يسمون .

                                                                                                                            قال الراغب الدعاء كالنداء ، لكن النداء قد يقال : إذا قيل : يا ، من غير أن ينضم إليه الاسم والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم نحو : يا فلان ، وقد يستعمل كل منهما محل الآخر .

                                                                                                                            ويستعمل استعمال التسمية كدعوت ابني زيدا أي سميته ا هـ مناوي عند شرح الرواية المذكورة .

                                                                                                                            وذكر أيضا في محل بعد هذا عند شرح رواية مسلم في مثل الرواية المذكورة ما نصه : وظاهر قوله من إسباغ الوضوء أن هذه السيما إنما تكون لمن توضأ في الدنيا .

                                                                                                                            وفيه رد لما نقله الفاسي المالكي في شرح الرسالة أن الغرة والتحجيل لهذه الأمة من توضأ منهم ومن لا ، كما يقال لهم أهل القبلة من صلى منهم ومن لا انتهى .

                                                                                                                            وقال شيخ الإسلام في شرح البخاري : ولا تحصل الغرة والتحجيل إلا لمن توضأ بالفعل أما من لم يتوضأ فلا يحصلان له ا هـ .

                                                                                                                            ومن نقل عنه خلاف ذلك فقد أخطأ لأنه قول للزناتي المالكي لا للشيخ .

                                                                                                                            وينبغي على قول الشيخ أن ذلك خاص بمن توضأ حال حياته كما أشعر تعبيره بتوضأ ، وقضيته أن من مات من أولاد المسلمين طفلا لم يتفق له وضوء لم يأت كذلك .

                                                                                                                            ويحتمل خلافه لأن تركه الوضوء كان معذورا فيه فلا يدخل من وضأه الغاسل .

                                                                                                                            وبقي أيضا ما لو تيمم ولم يتوضأ هل يحصل له ذلك أم لا ؟ فيه نظر .

                                                                                                                            وينبغي الأول لإقامة الشارع له مقام الوضوء فليراجع ( قوله : فليطل غرته وتحجيله ) وتسن إطالتهما في التيمم أيضا كما سيأتي في بابه .

                                                                                                                            وعبارته ثم عطفا على ما يسن والغرة والتحجيل .

                                                                                                                            ولا ينافيه ما في الحديث من التعليل بقوله من آثار الوضوء لأنه الغالب ، ومر خارج مخرج الغالب لا مفهوم له ( قوله : في وجهه بياض ) وقيده بعضهم بكونه في جبهته .

                                                                                                                            وكونه [ ص: 194 ] فوق الدرهم .

                                                                                                                            وعبارة المصباح : والغرة في الجبهة بياض فوق الدرهم ( قوله : الزائد على الواجب ) ومن الواجب ما لا يتم الواجب إلا به ، فالإطالة غسل ما زاد على ذلك




                                                                                                                            الخدمات العلمية