الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب

                                                                                                                                                                                                                                      197 - الحج أي: وقت الحج، كقولك: البرد شهران، أشهر معلومات معروفات عند الناس، لا يشكلن عليهم، وهى شوال، وذو القعدة، وعشر ذي الحجة. وفائدة توقيت الحج بهذه الأشهر أن شيئا من أفعال الحج لا يصح إلا فيها، وكذا الإحرام عند الشافعي -رحمه الله- وعندنا وإن انعقد لكنه مكروه، وجمعت -أي الأشهر- لبعض الثالث، أو لأن اسم الجمع يشترك فيه ما وراء الواحد، بدليل قوله تعالى: فقد صغت قلوبكما [التحريم: 4] فمن فرض ألزمه على نفسه بالإحرام فيهن الحج في هذه الأشهر فلا رفث هو الجماع، أو ذكره عند النساء، أو الكلام الفاحش، ولا فسوق هو المعاصي، أو السباب; لقوله صلى الله عليه وسلم: "سباب المؤمن فسوق"، أو التنابز بالألقاب; لقوله تعالى: بئس الاسم الفسوق [الحجرات: 11]. ولا جدال في الحج ولا مراء مع الرفقاء، والخدم، والمكارين. وإنما أمر باجتناب ذلك، وهو واجب الاجتناب في كل حال; لأنه مع الحج أسمج، كلبس الحرير في الصلاة، والتطريب في قراءة القرآن، والمراد بالنفي وجوب انتفائها، وأنها حقيقة بألا تكون. وقرأ أبو عمرو ومكي (الأولين) بالرفع، فحملاهما على معنى النهي، كأنه قيل: فلا يكونن رفث ولا فسوق، والثالث: بالنصب، على معنى الإخبار بانتفاء الجدال، كأنه قيل: ولا شك ولا خلاف في الحج، ثم حث على الخير [ ص: 170 ] عقيب النهي عن الشر، وأن يستعملوا مكان القبيح من الكلام الحسن، ومكان الفسوق البر والتقوى، ومكان الجدال الوفاق والأخلاق الجميلة; بقوله تعالى: وما تفعلوا من خير يعلمه الله واعلم بأنه عالم به يجازيكم عليه، ورد قول من نفى علمه بالجزئيات، كان أهل اليمن لا يتزودون، ويقولون: نحن متوكلون، فيكونون كلا على الناس، فنزل فيهم وتزودوا أي: تزودوا، واتقوا الاستطعام وإبرام الناس والتثقيل عليهم. فإن خير الزاد التقوى أي:الاتقاء عن الإبرام والتثقيل عليهم، أو تزودوا للمعاد باتقاء المحظورات، فإن خير الزاد اتقاؤهاواتقون وخافوا عقابي، وهو مثل: دعان. يا أولي الألباب يا ذوي العقول، يعني: أن قضية اللب تقوى الله، ومن لم يتقه من الألباء فكأنه لا لب له.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية