الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          1986 - مسألة : فإن أتبعها في عدتها قبل انقضائها طلاقا بائنا ، ولم تكن عدتها تلك من طلاق ثلاث مجموعة ولا من طلقة ثالثة فعليها أن تبتدئ العدة من أولها فإن طلقها بعد ثنتين ثالثة فتبتدئ العدة أيضا ولا بد - وكذلك لو راجعها في عدتها فوطئها أو لم يطأها ثم طلقها فإنها تبتدئ العدة ولا بد .

                                                                                                                                                                                          وروينا مثل قولنا عن طائفة من السلف - : كما روينا من طريق عبد الرزاق عن معمر ، وغيره عن قتادة أن جابر بن عبد الله ، وخلاس بن عمرو ، قالا جميعا في المطلقة في العدة : تعتد من الطلاق الآخر ثلاث حيض .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن ابن مسعود : أنها تبني على عدتها من الطلاق الأول - وهو قول إبراهيم النخعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وأبي قلابة - وبه قال الزهري ، وقتادة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وبه يقول أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، إلا أن أبا حنيفة ، ومالكا ، وأحد قولي الشافعي في التي يراجعها في العدة ثم يطلق قبل أن يطأها : أنها [ ص: 39 ] تستأنف العدة - وقال الشافعي مرة : تبني على عدتها من الطلاق الأول - وهو قول عطاء .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : ما نعلم لهم حجة من قرآن ، ولا من سنة أصلا ولا متعلق لهذه الطوائف فيما جاء عن ابن مسعود في ذلك ; لأنه خبر - : حدثناه عبد الله بن ربيع قال : أنا محمد بن معاوية القرشي أنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن يحيى بن أيوب المروزي أنا حفص - هو ابن غياث - أنا الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال : طلاق السنة يطلقها تطليقة وهي طاهرة في غير جماع ، فإذا جاء وطهرت طلقها أخرى فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ، ثم تعتد بعد ذلك بحيضة .

                                                                                                                                                                                          قال الأعمش فسألت إبراهيم النخعي ؟ فقال مثل ذلك .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : كل هؤلاء الطوائف مخالفون لما صح عن ابن مسعود هاهنا أنه السنة ; لأنهم كلهم يكرهون أن يتبعها طلاقا في العدة ، والمالكيون والشافعيون لا يرون الحيض عدة .

                                                                                                                                                                                          ولا عجب أعجب ممن يحتج بقول سعيد بن المسيب في دية أصابع المرأة : هي السنة يا ابن أخي ، ويحتج بقول ابن مسعود هاهنا أنه السنة .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وأما نحن فلا حجة عندنا فيما عدا نص قرآن وسنة ثبت حكمها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          وحجتنا لقولنا هاهنا : هو أن الله عز وجل إنما أسقط العدة عن المطلقة غير الممسوسة فقط ، وأوجبها على المطقة الممسوسة .

                                                                                                                                                                                          [ ص: 40 ] وأمر الله تعالى من طلق أن يطلق للعدة ، وجعل العدة على التي تحيض ثلاثة قروء .

                                                                                                                                                                                          وعلى التي لا تحيض - لصغر أو كبر - ثلاثة أشهر .

                                                                                                                                                                                          وحكم تعالى أنها امرأته ما لم تنقض عدتها منه : يتوارثان ، ويلحقها طلاقه ، فهو إذا طلقها ثانية : مطلق امرأته الموطوءة منه في ذلك النكاح بلا شك ، فعليها أن تبتدئ العدة من إثره بلا فصل .

                                                                                                                                                                                          ومن الباطل أن يتقدم شيء من العدة قبل الطلاق ، كما من الباطل طلاق موطوءة بلا عدة .

                                                                                                                                                                                          أو طلاق موطوءة يكون قرءا واحدا أو قرأين ، ولا بد لمخالفينا هاهنا من أحد هذه الوجوه الثلاثة - وهي كلها باطل بيقين .

                                                                                                                                                                                          وكذلك من المحال أن تبني المرتجعة على عدة قد بطلت بالرجعة ، إذ من الباطل أن تكون مرتجعة ، وهي بعد الارتجاع في العدة - ، وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية