الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  صفحة جزء
                                                                  ( 957 ) حدثنا أبو عبيدة عبد الوارث بن إبراهيم العسكري ، ثنا سيف بن مسكين الإسواري ، ثنا أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي ، عن عامر الشعبي ، عن فاطمة بنت قيس ، قالت : سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة ، فخرجت في نسوة من الأنصار [ ص: 387 ] حتى أتينا المسجد ، فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ، ثم صعد المنبر ، فاستقبلنا بوجهه ضاحكا ، ثم قال : " إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ، إلا لحديث حدثني به تميم الداري أتاني فأسلم ، وبايع وأخبرني أنه ركب في ثلاثين رجلا من لخم ، وجذام وهما حيان من أحياء العرب من أهل اليمن ، فصادفوا البحر حين اغتلم فلعب بهم الموج شهرا ، ثم قذفهم قريبا من غروب الشمس إلى جزيرة من جزائر البحر ، فإذا نحن بدابة أهلب لا يعرف قبلها من دبرها ، قلنا : ما أنت أيها الدابة ؟ فأذن الله فكلمتنا بلسان ذلق طلق ، فقالت : أنا الجساسة ، قلنا : وما الجساسة ؟ قالت : إليكم عني عليكم بذاك الدير في أقصى الجزيرة ، فإن فيه رجلا هو إلى خبركم بالأشواق ، قال : فأتينا الدير ، فإذا نحن برجل أعظم رجل رأيته قط ، وأحسنه جسما فإذا هو ممسوح العين اليمنى ، كأن عينه نخامة في جدار مجصص ، وإذ يداه مغلولتان إلى عنقه ، وإذ رجلاه مشدودتان بالكبول من ركبتيه إلى قدميه ، فقلنا له : ما أنت أيها الرجل ؟ فقال : أما خبري فقد قدرتم عليه ، ولكن أخبروني عن خبركم ما أوقعكم هذه الجزيرة ؟ وهذه الجزيرة لم يصل إليها آدمي مذ خرجت إليها ، فأخبرناه فقال : أخبروني عن بحيرة الطبرية ما فعلت ؟ قلنا : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل نضب ماؤها ؟ وهل بدا فيها من العجائب ؟ قلنا : لا ، قال : أما إنه سيكون ثم سكت مليا ، ثم قال : أخبروني عن عين زغر ما فعلت ؟ قلنا : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل يحترث عليها أهلها ؟ قلنا : نعم ، قال : أما إنه سيغور عنها ماؤها ، ثم سكت مليا ، فقال : أخبروني عن نخيل بيسان ما فعل ؟ قلنا له : عن أي أمرها تسأل ؟ قال : هل يثمر ؟ قلنا : نعم ، قال : أما [ ص: 388 ] أنه لا يثمر ، ثم سكت مليا فقال : أخبروني عن النبي الأمي ما فعل ؟ قلنا : عن أي أمره تسأل ؟ قال : هل ظهر بعد ؟ قلنا : نعم ، قال : فما صنعت معه العرب ؟ فقلنا له : منهم من قاتله ، ومنهم من صدقه ، قال : أما إنه من صدقه فهو خير له ، فقلنا : أخبرنا خبرك أيها الرجل ، فقال : أما تعرفونني ؟ قلنا : لو عرفناك ما سألناك ، قال : أنا الدجال ، يوشك أن يؤذن لي في الخروج ، فإذا خرجت وطأة جزائر العرب كلها غير مكة ، وطيبة كلما أردتهما استقبلني ملك بيده السيف مصلتا فردني عنهما ، قال أبو الأشهب : قال عامر : قالت فاطمة بنت قيس : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعا يديه حتى رأينا بياض إبطيه ، ثم قال : " ألا أخبركم أن هذه طيبة " ثلاثا ، ثم قال : " ألا أخبركم أنه في بحر الشام " ثلاثا ، ثم أغمي عليه ساعة ثم استراح ثم سري عنه ، فقال : " بل هو في بحر العراق إن يخرج حين يخرج من بلدة يقال لها أصبهان ، من قرية من قراها ، يقال لها رستقاباد ويخرج من يخرج على مقدمته سبعون ألفا عليهم السيجان ، معه نهران نهر من ماء ونهر من نار فمن أدرك ذلك منكم فقيل له : ادخل الماء ، فلا يدخله فإنه نار ، وإذا قيل له : ادخل النار ، فليدخلها فإنه ماء " .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية