الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( وأما الخمس فيقسم على ثلاثة أسهم : سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل يدخل فقراء ذوي القربى فيهم ويقدمون ولا يدفع إلى أغنيائهم ) وقال الشافعي رحمه الله : لهم خمس الخمس يستوي فيه غنيهم [ ص: 287 ] وفقيرهم ، ويقسم بينهم للذكر مثل حظ الأنثيين ، ويكون لبني هاشم وبني المطلب دون غيرهم ، لقوله تعالى: { ولذي القربى }من غير فصل بين الغني والفقير .

                                                                                                        [ ص: 288 - 289 ] ولنا : أن الخلفاء الأربعة الراشدين رضي الله عنهم قسموه على ثلاثة أسهم على نحو ما قلناه وكفى بهم قدوة ، وقال عليه الصلاة والسلام : { يا معشر [ ص: 290 ] بني هاشم إن الله تعالى كره لكم غسالة الناس وأوساخهم وعوضكم منها بخمس الخمس }والعوض إنما يثبت في حق من يثبت في حقه المعوض ، وهم الفقراء والنبي عليه الصلاة والسلام أعطاهم للنصرة ألا ترى أنه عليه الصلاة والسلام علل فقال : { إنهم لم يزالوا معي هكذا في الجاهلية والإسلام وشبك بين أصابعه }دل على أن المراد من النص قرب النصرة لا قرب القرابة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        قوله : روي أن الخلفاء الأربعة الراشدين قسموا الخمس على ثلاثة أسهم ، سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل قلت : روى أبو يوسف عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن الخمس الذي كان يقسم على عهده عليه السلام على خمسة أسهم : لله والرسول سهم ولذي القربى واليتامى سهم ، وللمساكين سهم ، ولابن السبيل سهم ، ثم قسم أبو بكر وعمر ، وعثمان ، وعلي على ثلاثة أسهم : سهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لابن السبيل انتهى .

                                                                                                        وتقدم في " فصل كيفية القسمة " عن قتادة أن الخمس كان يقسم على خمسة أخماس .

                                                                                                        وعن ابن عباس ، أنه كان يقسم على أربعة .

                                                                                                        الحديث التاسع عشر : قال عليه السلام : { يا معشر بني هاشم إن الله تعالى كره [ ص: 290 ] لكم غسالة أيدي الناس وأوساخهم ، وعوضكم منها بخمس الخمس }قلت : غريب وقد تقدم في " الزكاة " .

                                                                                                        وروى الطبراني في " معجمه " حدثنا معاذ بن المثنى ثنا مسدد ثنا معتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن حنش عن عكرمة عن ابن عباس ، قال : { بعث نوفل بن الحارث ابنيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما : انطلقا إلى عمكما لعله يستعين بكما على الصدقات ، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فأخبراه بحاجتهما ، فقال لهما : لا يحل لكم أهل البيت من الصدقات شيء ، ولا غسالة الأيدي ، إن لكم في خمس الخمس لما يغنيكم ، أو يكفيكم }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي حاتم في " تفسيره في سورة الأنفال " حدثنا أبي ثنا إبراهيم بن مهدي المصيصي ثنا المعتمر بن سليمان به بلفظ : { رغبت لكم عن غسالة أيدي الناس ، إن لكم من خمس الخمس لما يغنيكم }انتهى .

                                                                                                        وهذا إسناد حسن ، وإبراهيم بن مهدي وثقه أبو حاتم ، وقال يحيى بن معين : يأتي بمناكير ، وروى الطبري في " تفسيره " حدثنا ابن وكيع ثنا أبي عن شريك عن خصيف عن مجاهد ، قال : { كان آل محمد عليه السلام لا تحل لهم الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس } ، وفي لفظ : قال : { كان النبي صلى الله عليه وسلم ، وأهل بيته لا يأكلون الصدقة ، فجعل لهم خمس الخمس }انتهى .

                                                                                                        الحديث العشرون : قال عليه السلام : { إنهم لم يزالوا معي في الجاهلية والإسلام ، وشبك بين أصابعه }قلت : أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه عن ابن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم ، قال : { لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم ذوي القربى من خيبر بين بني هاشم ، وبني المطلب جئت أنا ، وعثمان ، فقلنا : يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم ، لا ننكر فضلهم ، لمكانك منهم ، فما بال إخواننا من بني المطلب أعطيتهم ، وتركتنا ، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة ، فقال : إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وإنما بنو هاشم ، وبنو المطلب شيء واحد ، ثم شبك بين أصابعه } ، [ ص: 291 ] انتهى .

                                                                                                        ذكره أبو داود في " الخراج " ، والنسائي في " قسم الفيء " ، وابن ماجه في " الجهاد " والحديث في " البخاري " ليس فيه : وشبك بين أصابعه أخرجه في " الخمس " وفي مناقب قريش ، وفي غزوة خيبر خرجه في " غزوة خيبر " عن يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب { أن جبير بن مطعم أخبره ، قال : مشيت أنا ، وعثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا : أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ، ونحن بمنزلة واحدة منك ، فقال : إنما بنو هاشم ، وبنو المطلب شيء واحد ، قال جبير : ولم يقسم النبي صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ، وبني نوفل شيئا } ، وزاد في الخمس ، قال ابن إسحاق : { وعبد شمس ، وهاشم ، والمطلب إخوة لأم ، وأمهم عاتكة بنت مرة ، وكان نوفل أخاهم لأبيهم }انتهى .

                                                                                                        وينظر الموضعان الآخران ورواه بسند السنن ومتنها أحمد ، وإسحاق بن راهويه ، والبزار ، وأبو يعلى الموصلي في " مسانيدهم " ، قال البزار : وقد رواه هكذا عن الزهري عن سعيد غير واحد ، وهو الصواب ، وقد روي عن الزهري عن محمد بن جبير عن أبيه ، وحديث سعيد أصح ، ولا يحفظ هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من رواية جبير بن مطعم انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن أبي شيبة في " مصنفه " ، والطبراني في " معجمه " ، ورواه الحاكم في كتابه " مناقب الشافعي " عن ابن إسحاق به ، ثم قال : ورواه عقيل بن خالد ، ويونس بن يزيد عن الزهري ، وحديث يونس أخرجاه في " الصحيحين " قال : وقد روي عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، ثم أخرجه من طريق الشافعي أنا مطرف بن مازن عن معمر بن راشد عن الزهري أخبرني محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، فذكره ، قال الشافعي : فذكرت لمطرف بن مازن أن يونس ، وابن إسحاق رويا حديث الزهري عن ابن المسيب عن جبير بن مطعم ، فقال هكذا حدثناه معمر ، كما وصفت لك ، ولعل الزهري رواه عنهما جميعا انتهى .

                                                                                                        قلت : رواه الواقدي في " المغازي في غزوة خيبر " حدثني معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير بن مطعم ، فذكره .

                                                                                                        وعن الحاكم رواه البيهقي في " أول كتاب المدخل " بسنده ، ثم قال : رواه البخاري في " كتاب القسم " من حديث عقيل ويونس بن يزيد عن الزهري ، كما نقلناه ، وهذا وهم منهما ، فإن قوله فيه : { إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام ، وشبك بين أصابعه } ، ليس [ ص: 292 ] في " البخاري " ، إلا أن يريد أصل الحديث ، والله أعلم .




                                                                                                        الخدمات العلمية