الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذلك مقام إبراهيم الذي قال الله تعالى فيه: واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى لم يستلمه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يقبله، ولا يشرع ذلك فيه بل ينهى عنه باتفاق العلماء. فإذا كان مقام إبراهيم الذي ذكره الله تعالى في القرآن لا يشرع أن يتمسح العبد به فكيف سائر المقامات والمشاهد التي يقال: إنها أثر بعض الأنبياء والصالحين؟.

وإذا كان قبر نبينا لا يشرع باتفاق المسلمين بأن يقبل أو يتمسح به، فكيف بقبر غيره؟ وفي سنن أبي داود عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تتخذوا بيوتكم مقابر". وقال أيضا : "صلوا علي حيثما كنتم، فإن صلاتكم تبلغني".

ولهذا رأى عبد الله بن حسن بن حسين بن علي بن أبي طالب رجلا يكثر الاختلاف إلى قبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا هذا! إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تتخذوا قبري عيدا، فصلوا علي حيثما كنتم، فإن [ ص: 47 ] صلاتكم تبلغني"، فما أنت ورجل بالأندلس فيه إلا سواء. ذكره سعيد بن منصور في سننه ، وروى بنحو هذا المعنى علي بن الحسين زين العابدين عن أبيه الحسين عن علي بن أبي طالب. ذكره أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد المقدسي الحافظ في صحيحه .

وروي عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد". رواه مالك في "الموطأ" ، وعن مالك مرسلا ومسندا.

وقد كانت حجرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي هو الآن مدفون فيها هي حجرة عائشة، وكانت شرقي المسجد لم تكن داخلة فيه، وكان حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - قبلي المسجد وشرقيه، وكانت منفصلة عن المسجد على عهد الخلفاء الراشدين إلى عهد الوليد بن عبد الملك، فإنه عمر المسجد وغيره، وكان عمر بن عبد العزيز نائبه على المدينة، فتولى هو عمارة المسجد، فأدخل فيه حجر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأدخل فيه حجرة عائشة، وأمر عمر أن يحرف الحجرة عن يمين القبلة، وأن يسنم مؤخرها، لئلا يصلي أحد إلى قبر.. .

التالي السابق


الخدمات العلمية