الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع الثلاثون : في مسائل شتى

                                                                                                                قال صاحب " الاستذكار " اختلف في قوله عليه السلام في " الموطأ " ، وغيره : " كل مولود يولد على الفطرة " ، فقيل : الخلقة ، لقوله تعالى : ( فاطر السماوات ) أي : خالقها ، أي فارغ من جميع الأديان ، وهو أصح الأقوال ، وقيل : الاستقامة كقول موسى للخضر : ( أقتلت نفسا زكية بغير نفس ) ، وكان طفلا .

                                                                                                                [ ص: 330 ] وقيل : الإسلام قاله عامة السلف ، لقوله تعالى : ( فطرة الله التي فطر الناس عليها ) أي : دين الله ، ولقوله في الحديث نفسه : " كما تناتج الإبل من بهيمة جمعا هل تحس من جذعا " . أي : خلقت سليمة من العيوب ، وكذلك المولود خلق سليما من الكفر ، وقيل : البدأة ، أي : كل مولود يولد على ما ابتدأه الله عليه من الشقاء ، أو السعادة ، والفاطر : المبتدئ ، ويعضده قوله عليه السلام لما سئل عن أطفال المشركين : " الله أعلم بما كانوا عاملين " . وقال الله تعالى : ( كما بدأكم تعودون فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ) وقيل : الفطرة الإيمان طوعا وكرها ; لأنه تعالى لما قال للذرية يوم البذر ( ألست بربكم قالوا بلى ) فأهل السعادة قالوها عن علم ، وأهل الشقاء قالوها عن إكراه وجهل ، يؤيده قوله تعالى : ( وله أسلم من في السماوات والأرض طوعا وكرها ) قالوا : وهو معنى قوله تعالى : ( كما بدأكم تعودون ) .

                                                                                                                مسألة

                                                                                                                قال : قالت طائفة : أولاد الناس كلهم المؤمنين والكافرين ، الأطفال إذا ماتوا موكولون لمشيئة الله من نعيم ، وعذاب ; لأنه أعلم بما كانوا به عاملين ، وقال الأكثرون : أطفال المسلمين في الجنة ، وأطفال الكفار في المشيئة ، لقوله عليه السلام : " ما من المسلمين من يموت له ثلاث من الولد لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله وإياهم الجنة بفضله ورحمته " ، وقيل : الأطفال كآبائهم في الدنيا والآخرة لقوله عليه السلام : هم من آبائهم ، وقيل : أولاد الكفار وغيرهم في الجنة ، وقيل : [ ص: 331 ] يمتحنون بنار تؤجج لهم من دخلها دخل الجنة وإلا دخل النار ، وهو مروي عنه عليه السلام ، وكره جماعة الكلام في الأطفال ، والقدر ، فهذه خمسة مذاهب في الفطرة ، وستة في الأطفال .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية