الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الفصل الثالث

1037 - عن ابن مسعود ، رضي الله عنه ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ : والنجم ، فسجد فيها ، وسجد من كان معه ، غير أن شيخا من قريش أخذ كفا من حصى - أو تراب - فرفعه إلى جبهته ، وقال : يكفيني هذا ، قال عبد الله : فلقد رأيته بعد قتل كافرا ، متفق عليه ، وزاد البخاري في رواية : وهو أمية بن خلف .

التالي السابق


الفصل الثالث

1037 - ( عن ابن مسعود ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرأ والنجم ) ، أي : سورة ( والنجم ) ، إلى آخرها ( فسجد فيها ، وسجد من كان معه ) : قال النووي : أي : من كان حاضرا قراءته من المسلمين والمشركين والجن والإنس ، قاله ابن عباس ، حتى شاع أن أهل مكة أسلموا ، قال القاضي عياض : وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون ، أن سبب ذلك ما جرى على لسان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الثناء على آلهتهم في سورة النجم فباطل ، لا يصح فيه شيء من جهة النقل ، ولا من جهة العقل ; لأن مدح إلاه غير الله كفر ، فلا يصح نسبته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا يقوله الشيطان على لسانه ، ولا يصح تسليط الشيطان على ذلك ذكره الطيبي ، وقد سبق بعض الكلام على هذا المقام ، وأن العسقلاني في شرح البخاري أطال في ثبوت هذه القضية ، وأن لها طرقا صحيحة وطرقا أخر كثيرة تدل على أن لها أصلا ، قال : وإذا تقرر ذلك لم يبق إلا تأويلها ، وأحسن ما قيل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يرتل تلاوته ، فألقى الشيطان ذلك في سكتة من سكتاته ، ولم يفطن لها وسمعها غيره فأشاعها ، وقال البيضاوي : وهو - أي نقل القصة وسبق لسانه سهوا - مردود عند المحققين ، وإن صح فابتلاء يتميز به الثابت على الإيمان عن المتزلزل فيه .

[ ص: 819 ] وقال في التأويل المذكور في كلام ابن حجر : إنه قد رد بأنه يخل بالوثوق على القرآن ، ولا يدفع بقوله : فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ; لأنه أيضا يحتمله أي : يحتمل أن يكون هذا الكلام أيضا من الشيطان على التقدير المذكور ، قلت : ما يكون الابتلاء إلا مع وجود الاحتمال ، والله أعلم بحقيقة الحال ، ( غير أن شيخا ) : أي : كبير السن ( من قريش أخذ كفا من حصى ) ، أي : حجارة صغار ( - أو تراب - فرفعه ) : أي : كفه ( إلى جبهته ) : وقول ابن حجر : فرجعه أي : رفعه ؛ تصحيف وتحريف ، ( وقال : يكفيني هذا ) : فإن المقصود من السجود التواضع والانقياد والمذلة بين يدي رب العباد ، ووضع أشرف الأعضاء في أخس الأشياء رجوعا إلى أصله من الفناء ، وهذا لما في رأسه من توهم الكبرياء وعدم وصوله إلى مقام الأصفياء ، ( قال عبد الله ) : أي : ابن مسعود ( فلقد رأيته بعد ) : أي : بعد هذه القضية ( قتل ) : قال ابن حجر : أي يوم بدر ( كافرا ) : قال الطيبي : فيه أن من سجد مع النبي - صلى الله عليه وسلم - من المشركين قد أسلموا ، قلت : وفيه أنه لم يسجد ، ( متفق عليه ، وزاد البخاري في رواية : وهو أمية بن خلف ) ، وقيل : إنه الوليد بن المغيرة ، وفيه نظر ؟ لأنه لم يقتل ، وقيل : سعيد بن العاص ، وقيل : أبو لهب ، قال ميرك نقلا عن العسقلاني : ولعل ابن مسعود لم يره أو خص واحدا بذكره لاختصاصه بأخذ الكف من التراب دون غيره ، قال الطيبي : " في جامع الأصول : إن أبي بن خلف قتل يوم أحد مشركا ، قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده ، وأن أمية بن خلف قتل يوم بدر مشركا ، وهما ابنا خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحان " .




الخدمات العلمية