الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر استيلاء أخيه محمود بن سبكتكين على الملك

لما توفي سبكتكين ، وبلغ الخبر إلى ولده يمين الدولة محمود بنيسابور ، جلس للعزاء ، ثم أرسل إلى أخيه إسماعيل يعزيه بأبيه ، ويعرفه أن أباه إنما عهد إليه لبعده عنه ، ويذكره ما يتعين من تقديم الكبير ، ويطلب منه الوفاق ، وإنفاذ ما يخصه من تركة أبيه . فلم يفعل ، وترددت الرسل بينهما فلم تستقر القاعدة فسار محمود عن نيسابور إلى هراة عازما على قصد أخيه بغزنة ، واجتمع بعمه بغراجق بهراة ، فساعده على أخيه إسماعيل ، وسار نحو بست ، وبها أخوه نصر ، فتبعه وأعانه وسار معه إلى غزنة .

وبلغ الخبر إلى إسماعيل ، وهو ببلخ ، فسار عنها مجدا ، فسبق أخاه محمودا [ ص: 490 ] إليها ، وكان الأمراء الذين مع إسماعيل كاتبوا أخاه محمودا يستدعونه ، ووعدوه الميل إليه ، فجد في المسير ، والتقى هو وإسماعيل بظاهر غزنة ، واقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم إسماعيل وصعد إلى قلعة غزنة فاعتصم بها ، فحصره أخوه محمود واستنزله بأمان . فلما نزل إليه أكرمه ، وأحسن إليه ، وأعلى منزلته ، وشركه في ملكه وعاد إلى بلخ واستقامت الممالك له .

وكانت مدة ملك إسماعيل سبعة أشهر ، وهو فاضل ، حسن المعرفة ، له نظم ونثر ، وخطب في بعض الجمعات ، فكان يقول بعد الخطبة للخليفة : ( رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية