الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولا تجادلوا أهل الكتاب الآيتين .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج الفريابي ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم قال : الذين قالوا : مع الله إله . أو : له ولد، أو : له شريك . أو : يد الله مغلولة . أو : الله فقير ونحن [ ص: 558 ] أغنياء . أو آذى محمدا صلى الله عليه وسلم، وهم أهل الكتاب . وفي قوله : وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم قال : لمن يقول هذا منهم، يعني من لم يقل : مع الله إله . أو : له ولد، أو : له شريك . أو : يد الله مغلولة . أو : الله فقير . وآذى محمدا صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، عن مجاهد في قوله : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال : إن قالوا شرا فقولوا خيرا، إلا الذين ظلموا منهم فانتصروا منهم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الفريابي ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم . قال : لا تقاتلوا إلا من قاتل ولم يعط الجزية، ومن أدى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال : ب : لا إله إلا الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في الآية قال : التي هي أحسن قولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون فهذه مجادلتهم بالتي هي أحسن .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 559 ] وأخرج أبو داود في "ناسخه"، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن الأنباري في "المصاحف"، عن قتادة : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال : نهى عن مجادلتهم في هذه الآية، ثم نسخ ذلك فقال : قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر الآية [التوبة : 29] . ولا مجادلة أشد من السيف .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري ، والنسائي ، وابن جرير ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه ، والبيهقي في "شعب الإيمان"، عن أبي هريرة قال : كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، وقولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، والفريابي ، وابن جرير ، عن عطاء بن يسار قال : كانت اليهود يحدثون أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيسبحون كأنهم يعجبون، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا : آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون » .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في "المصنف"، وابن سعد ، وأحمد والبيهقي في [ ص: 560 ] "سننه"، عن أبي نملة الأنصاري، أن رجلا من اليهود قال لجنازة : أنا أشهد أنه تتكلم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا : آمنا بالله وكتبه ورسله . فإن كان حقا لم تكذبوهم، وإن كان باطلا لم تصدقوهم» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البيهقي في "سننه"، وفي "الشعب"، والديلمي ، وأبو نصر السجزي في "الإبانة"، عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، إما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق، والله لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء؛ فإنهم لن يهدوكم وقد أضلوا أنفسهم» .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق ، وابن جرير ، عن ابن مسعود قال : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، لتكذبوا بحق وتصدقوا [ ص: 561 ] بباطل، فإن كنتم سائليهم لا محالة، فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه، وما خالف كتاب الله فدعوه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية