الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( الوالي في النكاح ) لا المال ( العصبة بنفسه ) وهو من يتصل بالميت حتى المعتقة ( بلا توسطة أنثى ) بيان لما قبله ( على ترتيب الإرث والحجب ) فيقدم ابن المجنونة على أبيها [ ص: 77 ] لأنه يحجبه حجب نقصان ( بشرط حرية وتكليف وإسلام في حق مسلمة ) تريد التزوج ( وولد مسلم ) لعدم الولاية

التالي السابق


( قوله لا المال ) فإنه الولي فيه الأب ووصيه والجد ووصيه والقاضي ونائبه فقط ح ثم لا يخفى أن قوله لا المال على معنى فقط أي المراد بالولي هنا الولي في النكاح ، سواء كان له ولاية في المال أيضا كالأب والجد والقاضي أو كالأخ لا الولي في المال فقط ، وبه اندفع ما في الشرنبلالية من أن فيه تدافعا بالنسبة إلى الأب والجد لأن لهما ولاية في المال أيضا ( قوله العصبة بنفسه ) خرج به العصبة بالغير كالبنت تصير عصبة بالابن ، ولا ولاية لها على أمها المجنونة وكذا العصبة مع الغير كالأخوات مع البنات ، ولا ولاية للأخت على أختها المجنونة كما في المنح والبحر . والمراد خروجهما من رتبة التقديم وإلا فلهما ولاية في الجملة يدل عليه قول المصنف بعد فإن لم يكن عصبة إلخ . والحاصل أن ولاية من ذكر بالرحم لا بالتعصب ، وإن كانت في حال عصوبتها كالبنت مع الابن الصغير فإنها تزوج أمها المجنونة بالرحم لا بكونها عصبة مع الابن ( قوله وهو من يتصل بالميت ) الضمير للعصبة المذكورة المراد به المعهود في باب الإرث بقرينة قوله على ترتيب الإرث والحجب ، فيكون تعريفه ما عرفوه به في باب الإرث . فلا يرد ما قيل إنه لا ميت هنا فالأولى أن يقال وهو من يتصل بغير المكلف فافهم . هذا وفي النهر هو من يأخذ كل المال إذا انفرد والباقي مع ذي سهم وهذا أولى من تعريفه بذكر يتصل بلا واسطة أنثى إذ المعتقة لها ولاية الإنكاح على معتقها الصغير حيث لا أقرب منها . ا هـ . فعبر الشارح بمن بدل ذكر لإدخال المعتقة فيندفع اعتراض النهر لكن يرد عليه كما قال الرحمتي عصبات المعتقة فإن لهم ولاية بعدها مع أنهم متصلون بواسطة أنثى . ا هـ .

فالأولى تعريف النهر ، ولا يرد عليه أن العصبة هنا لا يأخذ كل المال ولا شيئا منه لما قلنا آنفا ، ونظيره قولهم في نفقة الأرحام تجب النفقة على الوارث بقدر إرثه مع أن الكلام في النفقة على الحي أو يقال المراد من يسمى عصبة لو فرض المقصود تزويجه ميتا ، وعلى كل فتكلف التأويل عند ظهور المعنى غير لازم ، والاعتراض بما لا يخطر بالبال غير وارد بل ربما يعاب على فاعله كما عيب على من أورد على تعريفهم الماء الجاري بأنه ما يذهب بتبنة أنه يصدق على الحمار مثلا أنه يذهب بها ( قوله بيان لما قبله ) أي لقوله العصبة بنفسه لأنه لا يكون إلا بلا توسط أنثى يعني إذا كان من جهة النسب ، أما من السبب فقد يكون كعصبة المعتقة ، ولا يخفى أنه بيان بالنسبة لكلام المتن أما في كلام الشارح فهو جزء من التعريف لأنه أفاد إخراج من يتصل بالميت بواسطة أنثى كالجد لأم مثلا ( قوله فيقدم ابن المجنونة على أبيها ) هذا عندهما خلافا لمحمد ، حيث قدم الأب ، وفي الهندية عن الطحاوي أن الأفضل أن يأمر الأب الابن بالنكاح حتى يجوز بلا خلاف . ا هـ .

وابن الابن كالابن ، ثم يقدم الأب ، ثم أبوه ، ثم الأخ الشقيق ثم لأب ، وذكر الكرخي أن تقديم الجد على الأخ قول الإمام وعندهما يشتركان والأصح أنه قول الكل ثم ابن الأخ الشقيق ثم لأب ثم العم الشقيق ثم لأب ثم ابنه كذلك ثم عم الأب كذلك ثم ابنه كذلك ثم عم الجد كذلك ثم ابنه كذلك كل هؤلاء لهم إجبار الصغيرين ، وكذا الكبيرين إذا جنا ثم المعتق ولو أنثى ثم ابنه وإن سفل ثم عصبته من النسب على ترتيبهم بحر عن الفتح وغيره

[ تنبيه ] يشترط في المعتق أن يكون الولاء له ليخرج من كانت أمها حرة الأصل وأبوها معتق فإنه لا ولاية لمعتق الأب عليها ، ولا يرثها فلا يلي إنكاحها كما نبه عليه صاحب الدرر في كتاب الولاء . فلو لم يوجد لها سوى الأم ومعتق [ ص: 77 ] الأب ، فالولاية للأم دونه ولم أر من نبه عليه هنا أفاده السيد أبو السعود عن شيخه ( قوله لأنه يحجبه حجب نقصان ) فيه أن الأب لا يرث بالفريضة أكثر من السدس ، وذلك مع الابن وابنه ومع البنت يرثه بالفرض ، والباقي بالتعصيب وعند عدم الولد بالتعصيب فقط ، وليس ما يرثه بالتعصيب مقدرا حتى ينقص منه فالأولى التعليل بأنه لا يكون عصبة مع الابن تأويل ( قوله بشرط حرية إلخ ) قلت : وبشرط عدم ظهور ركون الأب أو الجد سيئ الاختيار مجانة وفسقا إذا زوج الصغير أو الصغيرة بغير كفء أو بغبن فاحش وكونه غير سكران أيضا كما مر بيانه ، واحترز بالحرية عن العبد فلا ولاية له على ولده ولو مكانيا إلا على أمته دون عبده لنقصه بالمهر والنفقة كما سيأتي في بابه ، وبالتكليف عن الصغيرة والمجنونة ، فلا يزوج في حال جنونه مطبقا أو غير مطبق ، ويزوج حال إفاقته عن المجنون بقسميه ، لكن إن كان مطبقا تسلب ولايته فلا تنتظر إفاقته وغير المطبق الولاية ثابتة له فتنتظر إفاقته كالنائم ، ومقتضى النظر أن الكفء الخاطب إذا فات بانتظار إفاقته تزوج موليته ، وإن لم يكن مطبقا وإلا انتظر على ما اختاره المتأخرون في غيبة الولي الأقرب على ما سنذكره فتح وتبعه في البحر والنهر والمطبق شهر وعليه الفتوى بحر .

مطلب لا يصح تولية الصغير شيخا على خيرات

[ تنبيه ] علل الزيلعي عدم الولاية لمن ذكر بأنهم لا ولاية لهم على أنفسهم فأولى أن لا يكون لهم ولاية على غيرهم لأن الولاية على الغير فرع الولاية على النفس . وذكر السيد أبو السعود عن شيخه أن هذا نص في جواب حادثة سئل عنها هي : أن الحاكم قرر طفلا في مشيخة على خيرات يقبض غلاتهم وتوزيع الخبز عليهم والنظر في مصالحهم فأجاب ببطلان التولية أخذا مما ذكر ( قوله في حق مسلمة ) قيد في قوله وإسلام ( قوله تريد التزوج ) أشار إلى أن المراد بالمسلمة البالغة ، حيث أسند التزوج إليها لئلا يتكرر مع قوله ، وولد مسلم فإن الولد يشمل الذكر والأنثى وحينئذ فليس في كلامه ما يقتضي أن للكافر التصرف في مال بنته الصغيرة المسلمة فافهم ، وعلى ما قلنا فإذا زوجت المسلمة نفسها وكان لها أخ أو عم كافر ، فليس له حق الاعتراض لأنه لا ولاية له وقد مر أول الباب أن من لا ولي لها فنكاحها صحيح نافذ مطلقا ولو من غير كفء أو بدون مهر المثل ، وإذا سقطت ولاية الأب الكافر على ولده المسلم فبالأولى سقوط حق الاعتراض على أخته المسلمة أو بنت أخيه ويؤخذ من هذا أيضا أنه لو كان لها عصبة رقيق أو صغير فهي بمنزلة من لا عصبة لها لأنه لا ولاية لها كما علمته وقدمنا ذلك أول الباب ( قوله لعدم الولاية ) تعليل للمفهوم يعني أن الكافر لا يلي على المسلمة وولده المسلم لقوله تعالى { ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا } ح




الخدمات العلمية