الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ويحرم الندب بتعديد ) الباء زائدة إذ حقيقة الندب تعداد ( شمائله ) وهو كما حكاه المصنف في أذكاره وجزم به في مجموعه عدها مع البكا كوا كهفاه وا جبلاه لما سيأتي وللإجماع ، وجاء في الإباحة ما يشبه الندب ، وفي الحقيقة المحرم الندب لا البكا ; لأن اقتران المحرم بجائز لا يصيره حراما خلافا لجمع ، ومن ثم رد أبو زرعة قول من قال يحرم البكا عند ندب أو نياحة أو شق جيب أو نشر شعر أو ضرب خد ، فإن البكا جائز مطلقا وهذه الأمور محرمة مطلقا وليس منه وهو خبر البخاري عن أنس لما نقل { أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه الكرب ، فقالت فاطمة : وا أبتاه ، فقال : ليس على أبيك كرب بعد اليوم ، فلما مات قالت : يا أبتاه أجاب ربا دعاه ، يا أبتاه جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه إلى جبريل ننعاه } ( و ) يحرم ( النوح ) وهو كما في المجموع رفع الصوت بالندب ولو من غير بكى ، وقيده بعضهم بالكلام المسجع ، والأوجه عدم التقييد لخبر { النائحة إذا لم تتب تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران ودرع من جرب } رواه مسلم ، والسربال القميص ، وخص القطران بكسر الطاء وسكونها بالذكر ; لأنه أبلغ في اشتعال النار وفعل ذلك خلف الجنازة أشد تحريما

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ويحرم الندب ) هو كالنوح الآتي صغيرة لا كبيرة كما قالاه الشيخان في باب الشهادات ا هـ خطيب ، وفي حج هنا أن النوح والجزع كبيرة .

                                                                                                                            ( قوله : وجاء في الإباحة ما يشبه الندب ) أي جاء في الألفاظ المباحة ألفاظ تشبه الندب وليست منه ( قوله : فإن البكا جائز ) الفاء بمعنى اللام ( قوله : إلى جبريل ننعاه ) أي نخبر بموته ، وإنما خصت لي جبريل لعلمه بمقامه عليه الصلاة والسلام وتكرر نزوله عليه وملازمته له .

                                                                                                                            وفي مختار الصحاح : النعي خبر الموت يقال نعاه له ينعاه نعيا بوزن سعي ا هـ .

                                                                                                                            وهو صريح ما قلناه هذا ، ولكن الظاهر أنها لم ترد ذلك بخصوصه ، وإنما أرادت تذكر مآثره إلى جبريل تحسرا على عادة من يفقد صديقه فإنه يتذكر مآثره له تأسفا وتحسرا



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 16 ] قوله : وهو كما حكاه المصنف في أذكاره إلخ ) فيه تناقض مع قوله إذ حقيقة الندب تعداد شمائله لأن هذا يفيد أنه مركب من التعداد المذكور مع البكاء ، فالبكاء جزم من حقيقته بخلاف ذاك ، ثم إن الذي حكاه الشهاب حج عن المجموع أنه جعل البكاء شرطا لتحريم الندب لا جزءا من حقيقته ، بخلاف ما نقله عنه الشارح ، وعلى كل من النقلين لا يتأتى قول الشارح الآتي ، وفي الحقيقة المحرم الندب لا البكاء إلخ ، إذ هو صريح في أن الندب في حد ذاته محرم سواء اقترن بالبكاء أم لا فتأمل ( قوله : وفي الحقيقة المحرم الندب لا البكاء ) فيه ما قدمناه ( قوله : وليس منه إلخ ) هذا تمام قوله السابق وجاء في الإباحة ما يشبه الندب ، فالواو فيه للحال والضمير في قوله وهو خبر البخاري راجع إلى ما من قوله ما يشبه الندب والعبارة عبارة شرح الروض بالحرف ، وما أدري ما الحامل للشارح على فصل أجزائها فصلا يفسدها ، وكأنه توهم أن لفظا خبر اسم ليس ومنه خبرها وحينئذ فكان عليه أن يحذف لفظ وهو فتأمل




                                                                                                                            الخدمات العلمية