الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          وإن قبضت صداقها ، ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إن كان باقيا ، ويدخل في ملكه حكما كالميراث ، ويحتمل ألا يدخل حتى يطالب به ويختار ، فما ينمي قبل ذلك فهو لها ، فإن زاد زيادة متصلة رجع في نصف الأصل ، والزيادة لها ، وإن كانت متصلة فهي مخيرة بين دفع نصفه زائدا وبين دفع نصف القيمة وقت العقد ، وإن كان ناقصا خير الزوج بين أخذه ناقصا ، وبين نصف القيمة وقت العقد ، وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة ، فله نصف قيمته وقت العقد ، إلا أن يكون مثليا ، فيرجع بنصف مثله ، وقال القاضي : له القيمة أقل ما كانت من يوم العقد إلى يوم القبض ، وإن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق ، فهل تضمن نقصه ؛ يحتمل وجهين ، وإن قال الزوج : نقص قبل الطلاق ، وقالت : بعده ، فالقول قولها ،

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( وإن قبضت صداقها ، ثم طلقها قبل الدخول - رجع بنصفه إن كان باقيا ) بحاله لم يتغير ، ولم يتعلق به حق غيره بغير خلاف; لقوله تعالى وإن طلقتموهن [ البقرة : 237 ] الآية ( ويدخل في ملكه حكما كالميراث ) نص عليه; لأن قوله [ ص: 153 ] تعالى فنصف ما فرضتم [ البقرة : 237 ] يدل عليه; لأن التقدير : فنصف ما فرضتم لكم أو لهن ، وذلك يقتضي كينونة النصف له أو لها بمجرد الطلاق ، وأن الطلاق سبب تملك به بغير عوض ، فلم يفتقر إلى اختياره كالإرث فعلى هذا ما يحدث من النماء يكون بينهما ( ويحتمل ألا يدخل ) في ملكه ( حتى يطالب به ويختار ) ; لأن الإنسان لا يملك شيئا بغير اختياره إلا بالميراث ، وكالشفيع ( فما ينمي قبل ذلك فهو لها ) ; لأنه نماء ملكها; لأن التقدير : أنه لا يملك إلا باختياره ، فهو قبل الاختيار على ملك الزوجة ، وفي " الترغيب " : أصلها اختلاف الرواية فيمن بيده عقدة النكاح ، وعلى المنصوص : لو طلقها على أن المهر لها لم يصح الشرط وعلى الثاني وجهان ( فإن ) كان الصداق ( زاد زيادة متصلة ) كالولد والثمرة ( رجع في نصف الأصل ) ; لأن الطلاق قبل الدخول يقتضي الرجوع في نصف الصداق ، وقد أمكن الرجوع فيه من غير ضرر على أحد ، فوجب أن يثبت حكمه ( والزيادة لها ) ; لأنه نماء ملكها ، وعنه : يرجع بنصفهما ( وإن كانت متصلة ) كالسمن ، وتعلم صناعة ، وبهيمة حملت ( فهي مخيرة بين دفع نصفه زائدا ) ويلزمه القبول ( وبين دفع نصف القيمة وقت العقد ) ; لأنها إن اختارت دفع نصف الأصل زائدا كان لها ذلك إسقاطا لحقها من الزيادة ، وإن اختارت دفع نصف قيمته كان لها ذلك; لأنه لا يلزمها دفع نصف الأصل زائدا; لاشتماله على الزيادة التي لا يمكن فصلها عنه ، وحينئذ تعينت القيمة كالإتلاف ، ويتخرج أن يجب دفعه بزيادته كالمنفصلة وأولى ، وفي " التبصرة " : لها نماؤه بتعيينه ، وعنه : بقبضه ، فعلى المذهب : له قيمة نصفه يوم الفرقة على أدنى صفة من وقت العقد إلى وقت قبضه ، وفي " الكافي " : أو التمكين منه ، فإن قلنا : [ ص: 154 ] يضمن المهر بالعقد ، اعتبرت صفة وقته ، وفي " الترغيب " : المهر المعين قبل قبضه هل هو بيده أمانة فمئونة دفن العبد عليه ؛ فيه روايتان .

                                                                                                                          فرع : إذا كانت محجورا عليها لم يكن له الرجوع إلا في نصف القيمة ( وإن كان ناقصا ) بغير جناية عليه ( خير الزوج بين أخذه ) أي : أخذ نصفه ( ناقصا ) ; لأنه إذا اختار ذلك فقد رضي بإسقاط حقه ( وبين نصف القيمة ) ; لأن قبوله ناقصا ضرر عليه ، وهو منفي شرعا ، فعلى الأول : هل له أرش النقص كما هو مختار القاضي في " تعليقه " كالمبيع المعيب ، أو لا أرش كواجد متاعه عند المفلس ، وهو اختيار الأكثرين ؛ فيه قولان وتعتبر القيمة ( وقت العقد ) ذكره الخرقي ، والمؤلف ، وابن حمدان ، وحرر المجد ذلك فجعله في المتميز ، إذا قلنا على المذهب يضمنه بالعقد ، وعلى هذا يحمل قولهم; إذ الزيادة المتميزة صورة نادرة ، وفي " الشرح " : إذا كان ناقصا متميزا كعبدين تلف أحدهما ، رجع بنصف الباقي ونصف قيمة التالف ، وإن لم يكن متميزا كشاب صار شيخا ، فنصف قيمته ، أو نسي صناعة ، فإن شاء رجع بنصف قيمته وقت ما أصدقها; لأن ضمان النقص عليها ، فلا يلزمه أخذ نصفه; لأنه دون حقه ، وإن شاء رجع بنصفه ناقصا ، فتجبر المرأة على ذلك .



                                                                                                                          فرع : إذا زاد من وجه ونقص من وجه ، كعبد صغير كبر ، ومصوغ كسرته ، وأعادته صناعة أخرى ، فلكل منهما الخيار ، وكذا حمل أمة ، وفي البهيمة زيادة ما لم يفسد اللحم وزرع وغرس بعض الأرض ( وإن كان تالفا أو مستحقا بدين أو شفعة فله نصف قيمته ) إذا لم يكن مثليا; لأنه تعذر الرجوع في عينه [ ص: 155 ] فوجب الرجوع في نصف القيمة كالإتلاف ( وقت العقد ) ; لأن الزيادة بعد ذلك تكون ملكا للزوجة; لكونها نماء ملكها ، فلا يجوز تقويمها بعد العقد; لكونه تقويما لملك الغير ( إلا أن يكون مثليا ، فيرجع بنصف مثله ) ; لأن المثلي يضمن في الإتلاف بالمثل; لأنه أقرب مشابهة ومماثلة لحقه ( وقال القاضي : له القيمة أقل ما كانت من يوم العقد إلى يوم القبض ) ; لأنه لو نقص في يده ، كان عليه ، قال المؤلف : هذا مبني على أن الصداق لا يدخل في ضمان المرأة إلا بقبضه ، وإن كان معينا في رواية ، فعلى هذا إن كانت القيمة وقت العقد أقل ، لم يلزمها إلا نصفها; لأن الزيادة بعد العقد لها; لأنه نماء ملكها ، أشبهت الزيادة بعد القبض ، وإن كانت القيمة وقت القبض أقل ، لم يلزمها أكثر من نصفها; لأن ما نقص من القيمة من ضمانه لم يلزمه غرامة لها ، فكيف تجب له عليها ؛ قال صاحب النهاية فيها : والأول أصح; لأن المعين لا يفتقر الملك فيه إلى قبض ، ولا يضمن باليد .



                                                                                                                          مسائل : الأولى : إذا خرج عن ملكها ، ثم عاد إليها ، ثم طلقها وهو في يدها ، كان له الرجوع في نصفه; لعدم المانع منه ، ولا يلزم ، إذ لو وهب لولده شيئا ، فخرج عن ملكه ، ثم عاد حيث لا يملك الرجوع ، وإن أسلم فلان حق الولد ، سقط بخروجه عن ملكه ، بدليل أنه لا يطالبه ببدله بخلاف الزوج .

                                                                                                                          الثانية : إذا تصرف تصرفا لا ينقل الملك كوصية ، لم يمنع الرجوع كعارية ، وكذا إذا دبرته في ظاهر المذهب ، ولا يجبر على الرجوع في نصفه ، وإن قلنا : لا يباع ، لم يجز الرجوع ، فإن كان التصرف لازما لا ينقل الملك كنكاح وإجارة ، [ ص: 156 ] خير بين الرجوع في نصفه ناقصا وبين نصف قيمته ، فإن رجع في نصف المستأجر صبر حتى تنفسخ الإجارة .

                                                                                                                          الثالثة : إذا أصدقها نخلا فاطلعت ، أبر أو لم يؤبر ، ثم طلق قبل الدخول - فزيادة متصلة ، وفي " الترغيب " وجهان فيما أبر .

                                                                                                                          الرابعة : إذا أصدقها أرضا فزرعتها ، فحكمها حكم الشجر إذا أثمر سواء ، قاله القاضي ، وقال غيره : يفارق الزرع الثمرة في أنها إذا بذلت نصف الأرض مع نصف الزرع لم يلزمه قبوله ، فلو أصدقها ثوبا فصبغه ، أو أرضا فبنتها ، فبذل قيمة زيادته لتملكه ، فله ذلك خلافا .

                                                                                                                          الخامسة : أصدقها صيدا ، ثم طلق وهو محرم ، فإن لم يملكه بإرث فنصف قيمته ، وإلا فهل يقدم حق الله فيرسله ، ويغرم لها قيمة النصف ، أم حق الآدمي فيمسكه ، ويبقى ملك المحرم ضرورة ، أم هما سواء ، فيخيران ، فإن أرسله برضاها غرم لها ، وإلا بقي مشتركا ، قال في " الترغيب " : مبني على حكم الصيد المملوك بين محل ومحرم ، وفيه أوجه .



                                                                                                                          ( وإن نقص الصداق في يدها بعد الطلاق ، فهل تضمن نقصه ؛ يحتمل وجهين ) أما إذا منعته منه بعد طلبه ، وتلف ، فعليها الضمان; لأنها غاصبة ، وإن تلف قبل مطالبته فوجهان ، أصلهما : الزوج إذا تلف الصداق المعين في يده قبل مطالبتها وقياس المذهب : أنه لا ضمان عليها; لأنه دخل في يدها بغير فعلها ، ولا عدوان من جهتها ، فلم تضمنه كالوديعة ، وإن اختلفا في المطالبة قبل قولها; لأنها منكرة ، والثاني : عليها الضمان ، أشبه المبيع إذا ارتفع العقد بالفسخ ، وقيل : لا يضمن [ ص: 157 ] المتميز كما لو تلف بآفة سماوية ( وإن قال الزوج : نقص قبل الطلاق ، وقالت : بعده ، فالقول قولها ) ; لأنه يدعي عليها ما يوجب الضمان ، والقول قول المنكر مع يمينها; لأن الأصل براءة ذمتها ، وفهم منه أن النقص في الصداق في يد الزوجة بعد الطلاق أنها لا تضمنه; لأنه إذا كان مضمونا بعده كما يضمن قبله فلا فائدة في الاختلاف .

                                                                                                                          تنبيه : إذا فات النصف مشاعا فله النصف الباقي ، وكذا معينا من النصف ، وفي " المغني " : له نصف البقية ونصف قيمة التالف أو مثله ، وإن قبضت المسمى في الذمة ، فكالمعين ، إلا أنه لا يرجع بنمائه مطلقا ، ويعتبر في تقويمه صفته يوم قبضه ، وفي وجوب رده بعينه وجهان .




                                                                                                                          الخدمات العلمية