الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                  بيان الأعذار المرخصة في الغيبة :

                                                                  اعلم أنه إذا لم يمكن التوصل إلى غرض صحيح في الشرع إلا بذكر مساوئ الغير فإنه يرخص فيه ، ولا إثم ، وذلك في أمور :

                                                                  منها : التظلم ، وذلك كمظلوم يرفع ظلامته على إنسان إلى أمير ليستوفي له حقه ، إذ لا يمكنه استيفاء حقه إلا بنسبته إلى الظلم ، قال - صلى الله عليه وسلم - : " إن لصاحب الحق مقالا " ، وعنه : " مطل الغني ظلم " .

                                                                  ومنها : الاستعانة على تغيير المنكر ، ورد العاصي إلى منهج الصلاح .

                                                                  ومنها : الاستفتاء ، كما يقول للمفتي : ظلمني أبي أو زوجتي أو أخي ، إذا لم يفد الإبهام أو [ ص: 201 ] التعريض ، وذلك لما روي عن " هند بنت عتبة " أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم - : " إن أبا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني ما يكفيني وولدي ، أفآخذ من غير علمه ؟ فقال : " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف " فذكرت الشح والظلم لها ولولدها ، ولم يزجرها عليه السلام ؛ إذ كان قصدها الاستفتاء .

                                                                  ومنها : تحذير المسلم من الشر ، كما إذا علمت من إنسان ضررا فحذرت شخصا منه ، وكالمزكي يطعن في الشاهد إذا سئل عنه ، وكذلك المستشار في التزويج وإيداع الأمانة له أن يذكر ما يعرفه على قصد النصح للمستشير ، لا على قصد الوقيعة .

                                                                  ومنها : أن يكون الإنسان معروفا بلقب يعرب عن عيبه ، كالأعرج والأعمش ، فلا حرج في ذكره ؛ لضرورة التعريف ، ولأن ذلك قد صار بحيث لا يكرهه صاحبه لو علمه بعد أن قد صار مشهورا به ، نعم إن وجد عنه معدلا وأمكنه التعريف بعبارة أخرى فهو أولى ؛ ولذلك يقال للأعمى : البصير ؛ عدولا عن اسم النقص .

                                                                  ومنها : أن يكون مجاهرا بالفسق متظاهرا به ، ولا يكره أن يذكر به ، فلا غيبة له بما يتظاهر به .

                                                                  التالي السابق


                                                                  الخدمات العلمية