الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر ملك بهاء الدولة فارس وخوزستان

في هذه السنة دخل الديلم الذين مع أبي علي بن أستاذ هرمز بالأهواز في طاعة بهاء الدولة .

وكان سبب ذلك أن ابني بختيار لما قتلا صمصام الدولة ، كما تقدم ، وملكا بلاد فارس ، كتبا إلى أبي علي بن أستاذ هرمز بالخبر ، ويذكران تعويلهما عليه ، واعتضادهما به ، ويأمرانه بأخذ اليمين لهما على من معه من الديلم ، والمقام بمكانه ، والجد بمحاربة بهاء الدولة . فخافهما أبو علي لما كان أسلفه إليهما من قبل أخويهما وأسرهما ، فجمع الديلم الذي معه وأخبرهم الحال ، واستشارهم فيما يفعل ، فأشاروا بطاعة ابني بختيار ومقاتلة بهاء الدولة ، فلم يوافقهم على ذلك ، ورأى أن يراسل بهاء الدولة ويستميله ويحلفه لهم ، فقالوا : إنا نخاف الأتراك ، وقد عرفت ما بيننا وبينهم ، فسكت عنهم وتفرقوا .

وراسله بهاء الدولة يستميله ، ويبذل له وللديلم الأمان والإحسان ، وترددت الرسل ، وقال بهاء الدولة : إن ثأري وثأركم عند من قتل أخي ، فلا عذر لكم في التخلف عن الأخذ بثأره ، واستمال الديلم فأجابوه إلى الدخول في طاعته ، وأنفذوا [ ص: 507 ] جماعة من أعيانهم إلى بهاء الدولة فحلفوه واستوثقوا منه ، وكتبوا إلى أصحابهم المقيمين بالسوس بصورة الحال .

وركب بهاء الدولة من الغد إلى باب السوس ، رجاء أن يخرج من فيه إلى طاعته ، فخرجوا إليه في السلاح ، وقاتلوه قتالا شديدا لم يقاتلوا مثله ، فضاق صدره ، فقيل له إن هذه عادة الديلم أن يشتد قتالهم عند الصلح ، لئلا يظن بهم ، ثم كفوا عن القتال وأرسلوا من يحلفه لهم ، ونزلوا إلى خدمته ، واختلط العسكران ، وساروا إلى الأهواز ، فقرر أبو علي بن إسماعيل أمورها ، وقسم الإقطاعات بين الأتراك والديلم ، ثم ساروا إلى رامهرمز فاستولوا عليها وعلى أرجان وغيرها من بلاد خوزستان .

وسار أبو علي بن إسماعيل إلى شيراز ، فنزل بظاهرها ، فخرج إليه ابنا بختيار في أصحابهما ، فحاربوه ، فلما اشتدت الحرب مال بعض من معهما إليه ، ودخل بعض أصحابه البلد ، ونادوا بشعار بهاء الدولة ، وكان النقيب أبو أحمد الموسوي بشيراز قد وردها رسولا من بهاء الدولة إلى صمصام الدولة ، فلما قتل صمصام الدولة كان بشيراز ، فلما سمع النداء بشعار بهاء الدولة ظن أن الفتح قد تم ، فقصد الجامع ، وكان يوم الجمعة ، وأقام الخطبة لبهاء الدولة .

ثم عاد ابنا بختيار ، واجتمع إليهما أصحابهما ، فخاف النقيب ، فاختفى ، وحمل في سلة إلى أبي علي بن إسماعيل ثم إن أصحاب ابني بختيار قصدوا أبا علي وأطاعوه ، فاستولى على شيراز ، وهرب ابنا بختيار فأما أبو نصر فإنه لحق ببلاد الديلم ، وأما الثاني ، وهو أبو القاسم ، فلحق ببدر بن حسنويه ثم قصد البطيحة .

ولما ملك أبو علي شيراز كتب إلى بهاء الدولة بالفتح ، فسار إليها ونزلها ، فلما استقر بها أمر بنهب قرية الدودمان وإحراقها ، وقتل كل من كان بها من أهلهم فاستأصلهم ، وأخرج أخاه صمصام الدولة وجدد أكفانه ، وحمل إلى التربة بشيراز فدفن [ ص: 508 ] بها ، وسير عسكرا مع أبي الفتح أستاذ هرمز إلى كرمان فملكها وأقام بها نائبا عن بهاء الدولة .

إلى هاهنا آخر ما في " ذيل " الوزير أبي شجاع ، رحمه الله .

التالي السابق


الخدمات العلمية