الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله

                                                                                                          حدثني يحيى عن مالك عن حميد بن قيس وثور بن زيد الديلي أنهما أخبراه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدهما يزيد في الحديث على صاحبه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا قائما في الشمس فقال ما بال هذا فقالوا نذر أن لا يتكلم ولا يستظل من الشمس ولا يجلس ويصوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروه فليتكلم وليستظل وليجلس وليتم صيامه قال مالك ولم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره بكفارة وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتم ما كان لله طاعة ويترك ما كان لله معصية

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          4 - باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله .

                                                                                                          1029 1013 - ( مالك عن حميد بن قيس ) المكي ( وثور ) بمثلثة ( ابن زيد الديلي ) بكسر الدال وإسكان التحتية ( أنهما أخبراه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) مرسلا قال أبو عمر : يتصل من حديث جابر وابن عباس ، ومن حديث قيس بن أبي حازم عن أبيه ، ومن حديث طاوس عن أبي إسرائيل رجل من الصحابة ، قال : وأظن أن حديث جابر هو هذا لأن مجاهدا رواه عن جابر وحميد بن قيس صاحب مجاهد ( وأحدهما يزيد في الحديث على صاحبه ) فجمع حديثهما دون بيان زيادة لأحد لجواز ذلك ، وقد فعله شيخه الزهري وغيره من الأئمة ( أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأى رجلا ) وفي البخاري : " بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يخطب إذا هو برجل قائم فسأل عنه فقال [ ص: 92 ] أبو إسرائيل " وعند ابن إسحاق عن جابر كان أبو إسرائيل رجلا من بني فهر فنذر ليقومن في الشمس حتى يصلي النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - الجمعة وليصومن ذلك اليوم .

                                                                                                          قال الحافظ : قيل : اسمه قشير بقاف وشين معجمة مصغر ، وقيل : يسير بتحتية ثم مهملة مصغر أيضا ، وقيل : قيصر بقاف وصاد باسم ملك الروم ، وقيل : قيسر بالسين المهملة بدل الصاد ، وقيل : قيص بغير راء في آخره ، وفي مبهمات الخطيب أنه من قريش ، وقال ابن الأثير وغيره : إنه أنصاري والأول أولى ولا يشاركه في كنيته أحد من الصحابة ( قائما في الشمس فقال : ما بال هذا ؟ ) ما حاله ( فقالوا : نذر أن لا يتكلم ولا يستظل من الشمس ولا يجلس ويصوم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : مروه فليتكلم وليستظل وليجلس ) لأنه لا قربة في عدم الثلاثة ( وليتم صيامه ) لأنه قربة .

                                                                                                          ( قال مالك : ولم يسمع أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره بكفارة ) فليس عليه كفارة خلافا لمن قال عليه مع ترك المعصية كفارة يمين ( وقد أمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتم ما كان لله طاعة ) وهو الصيام ( ويترك ما كان لله معصية ) ؛ أي : ما حكمه حكمها في أنه لا يلزم الوفاء به ولا الكفارة ، وإلا فالقيام وعدم الكلام والاستظلال ليست معصية لذاتها إذ أصلها مباح أشار إليه ابن عبد البر ، وقال الباجي : سماه معصية وإن كان أصله مباحا لأنه إذا نذر كان معصية ، إذ لا يحل نذر ما ليس بقربة وإن فعله بالنذر عصى وبغير نذر مباح ، وأيضا لأنه إذا بلغ به حد الضرر والعنت كان معصية فعل بنذر أو بغيره انتهى .

                                                                                                          والحديث أخرجه البخاري وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس ، ورواه عبد الرزاق عن ابن طاوس عن أبي إسرائيل نفسه ، وابن عبد البر من طريق ابن إسحاق عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر .




                                                                                                          الخدمات العلمية