الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 119 ] قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير

                                                                                                                                                                                                "قل " لمشركي قومك ادعوا الذين عبدتموهم من دون الله من الأصنام والملائكة وسميتموهم باسمه كما تدعون الله . والتجئوا إليهم فيما يعروكم كما تلتجئون إليه . وانتظروا استجابتهم لدعائكم ورحمتهم كما تنتظرون وأن يستجيب لكم ويرحمكم ، ثم أجاب عنهم بقوله : لا يملكون مثقال ذرة من خير أو شر ، أو نفع أو ضر في السماوات ولا في الأرض وما لهم في هذين الجنسين من شركة في الخلق ولا في الملك ، كقوله تعالى : ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض وما له منهم من عوين يعينه على تدبير خلقه ، يريد : أنهم على هذه الصفة من العجز والبعد عن أحوال الربوبية ، فكيف يصح أن يدعوا كما يدعى ويرجوا كما يرجى ، فإن قلت : أين مفعولا زعم ؟ قلت : أحدهما الضمير المحذوف الراجع منه إلى الموصول . وأما الثاني فلا يخلو إما أن يكون من دون الله أو لا يملكون أو محذوفا فلا يصح الأول ; لأن قولك : هم من دون الله ، لا يلتئم كلاما ، ولا الثاني ; لأنهم ما كانوا يزعمون ذلك ، فكيف يتكلمون بما هو حجة عليهم ; وبما لو قالوه قالوا ما هو حق وتوحيد ؟ فبقي أن يكون محذوفا تقديره : زعمتموهم آلهة من دون الله فحذف الراجع إلى الموصول كما حذف في قوله : أهذا الذي بعث الله رسولا [الفرقان : 41 ] استخفافا ، لطول الموصول لصلته ، وحذف آلهة لأنه موصوف صفته من دون الله والموصوف يجوز حذفه وإقامة الصفة مقامه إذا كان مفهوما ، فإذا مفعولا زعم محذوفان جميعا بسببين مختلفين .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية