الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عبور عسكر أيلك الخان إلى خراسان

كان يمين الدولة لما استقر له ملك خراسان ، وملك أيلك الخان ما وراء النهر ، قد راسله ووافقه ، وتزوج ابنته وانعقدت بينهما مصاهرة ومصالحة ، فلم تزل السعادة حتى أفسدوا ذات بينهما ، وكتم أيلك الخان ما في نفسه ، فلما سار يمين الدولة إلى المولتان اغتنم أيلك الخان خلو خراسان ، فسير سباشي تكين ، صاحب جيشه في هذه السنة ، إلى خراسان في معظم جنده ، وسير أخاه جعفر تكين إلى بلخ في عدة من الأمراء .

[ ص: 543 ] وكان يمين الدولة قد جعل بهراة أميرا من أكابر أمرائه يقال له : أرسلان الجاذب . فأمره إذا ظهر عليه مخالف أن ينحاز إلى غزنة . فلما عبر سباشي تكين إلى خراسان سار أرسلان إلى غزنة ، وملك سباشي هراة وأقام بها ، وأرسل إلى نيسابور من استولى عليها . واتصلت الأخبار بيمين الدولة ، وهو بالهند ، فرجع إلى غزنة لا يلوي على دار ، ولا يركن إلى قرار ، فلما بلغها فرق في عساكره الأموال ، وقواهم ، وأصلح ما أراد إصلاحه ، واستمد الأتراك الخلجية ، فجاءه منهم خلق كثير ، وسار بهم نحو بلخ ، وبها جعفر تكين أخو أيلك الخان ، فعبر إلى ترمذ ، ونزل يمين الدولة ببلخ ، وسير العساكر إلى سباشي تكين بهراة ، فلما قاربوه سار نحو مرو ليعبر النهر ، فلقيه التركمان الغزية ، فقاتلوه فهزمهم وقتل منهم مقتلة عظيمة .

ثم سار نحو أبيورد لتعذر العبور عليه ، فتبعه عسكر يمين الدولة ، كلما رحل نزلوا ، حتى ساقه الخوف من الطلب إلى جرجان فأخرج عنها ، ثم عاد إلى خراسان ، فعارضه يمين الدولة ، فمنعه عن مقصده ، وأسر أخو سباشي تكين وجماعة من قواده ، ونجا هو في خف من أصحابه ، فعبر النهر .

وكان أيلك الخان قد عبر أخاه جعفر تكين إلى بلخ ليلفت يمين الدولة عن طلب سباشي ، فلم يرجع ، وجعل دأبه إخراج سباشي من خراسان ، فلما أخرجه عنها عاد إلى بلخ ، فانهزم من كان بها مع جعفر تكين ، وسلمت خراسان ليمين الدولة .

التالي السابق


الخدمات العلمية