الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ويجب تقديمها ) أي الصلاة ( على الدفن ) لأنه المنقول فإن دفن قبلها أثم كل من علم به ولم يعذر وتسقط بالصلاة على القبر ( وتصح ) الصلاة ( بعده ) أي الدفن للاتباع قيل : يشترط بقاء شيء من الميت ا هـ وفيه نظر لأن عجب الذنب لا يفنى كما هو مقرر في محله [ ص: 151 ] ( والأصح تخصيص الصحة بمن كان من أهل ) أداء ( فرضها وقت الموت ) بأن يكون حينئذ مكلفا مسلما طاهرا لأنه يؤدي فرضا خوطب به بخلاف من طرأ تكليفه بعد الموت ولو قبيل الغسل كما اقتضاه كلامهما وإن نوزعا فيه ومن ثم جزم بعضهم بأن تكليفه عند الغسل بل قبل الدفن كهو عند الموت وذلك لأن غير المكلف متطوع وهذه الصلاة لا يتطوع بها وقد يرد عليه صلاة النساء مع وجود الرجال فإنها محض تطوع إلا أن يجاب بأنهن من أهل الفرض بتقدير انفرادهن وذاك لم يكن كذلك فكانت صلاته محض تطوع مبتدإ ولا ينافي [ ص: 152 ] هذا لزومها لمن أسلم أو كلف قبل الدفن وليس ثم غيره لأن هذه الحالة ضرورة فلا يقاس بها غيرها .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              [ ص: 151 ] قوله في المتن : والأصح تخصيص الصحة بمن كان إلخ ) عبارة المنهج وشرحه وإنما تصح الصلاة على القبر والغائب عن البلد ممن كان من أهل فرضها وقت موته ا هـ وتلخص منه أن صلاة الصبي المميز صحيحة مسقطة للفرض ولو مع وجود الرجال في الميت الحاضر دون الغائب والقبر وهو مشكل فليحرر فرق واضح ( قوله : ومن ثم جزم بعضهم ) اعتمده م ر ( قوله : وهذه الصلاة لا يتطوع بها ) قال الزركشي معناه لا تفعل مرة بعد أخرى وقوله لا تفعل مرة بعد أخرى سيأتي في شرح قول المصنف " ومن صلى لا يعيد على الصحيح " أنها تفعل مرة بعد أخرى إلا أن يريد أنه لا تندب أن تفعل مرة بعد أخرى فليتأمل بعد فإن هذا لا يناسب المنع الذي الكلام فيه .

                                                                                                                              وقال في المجموع معناه أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة بخلاف صلاة الظهر يؤتى بصورتها ابتداء من غير سبب ثم قال لكن ما قالوه منتقض بصلاة النساء مع الرجال فإنها نافلة لهن مع صحتها ولو أعيدت وقعت نافلة خلافا للقاضي ولعله مستثنى من قولهم إن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لا تنعقد على أنه يمكن الجواب عن ذلك بأن محل كلامهم إن كان عدم الطلب لها لذاتها وهنا ليس كذلك بل لأمر خارج وهو اعتبار تقدم الصلاة من غيرها وهو أنه لا يتنفل بها أما لو صلى عليها من لم يصل أولا فإنها تقع له فرضا وقد اعترض ابن العماد قول المجموع بخلاف الظهر بأنه خطأ صريح فإن الظهر لا يجوز ابتداء فعله من غير سبب لأنه تعاطى عبادة لم يؤمر بها وهو حرام .

                                                                                                                              والأسباب التي يؤدي بها الظهر ثلاثة الأداء والقضاء والإعادة أورده شيخنا الشهاب الرملي بأن ما قاله هو [ ص: 152 ] الخطأ الصريح لخطئه في فهم كلام المصنف وإنما يرد ما قاله لو قال المجموع : يؤتى بها شرح م ر ( قوله : لأن هذه حالة ضرورة ) قد يقال وتلك كذلك .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( ويجب تقديمها إلخ ) أي وتأخيرها عن الغسل أو التيمم عند وجود مسوغه نهاية ومغني ( قوله : أي الصلاة ) إلى قول المتن " الأصح " في النهاية والمغني ( قوله : كل من علم به إلخ ) أي من الدافنين والراضين بدفنه قبلها ويصلى عليه وهو في قبر ولا ينبش لذلك كما يؤخذ من قوله وتصح بعده نهاية ومغني ( قوله : وتسقط بالصلاة إلخ ) وهل يسقط بفعلها على القبر الإثم ؟ الظاهر نعم بصري والظاهر أن الساقط على مسلك الشارح في نظائره سقوط دوام الإثم لا أصله ( قوله : وفيه نظر لأن عجب إلخ ) اعتمده المغني والنهاية عبارة الثاني بعد كلام : وعلم من ذلك [ ص: 151 ] جواز الصلاة على القبر أبدا بالشرط الذي ذكرناه ولا يتقيد بثلاثة أيام أي خلافا لأبي حنيفة ولا بمدة بقائه قبل بلائه ولا بتفسخه ا هـ قال ع ش قوله : م ر وعلم من ذلك إلخ ظاهر إطلاقهم أنه لا فرق بين المقبرة المنبوشة وغيرها على أن في غير المنبوشة يتحقق انفجاره عادة ونجاسة كفنه بالصديد ويصرح بالتعميم قول الشارح م ر ولا يتقيد بثلاثة أيام إلخ وقوله : م ر السابق ولو صلى على من مات في يومه وسنته إلخ ا هـ وقول النهاية بالشرط الذي إلخ يعني به كون المصلي من أهل فرضها وقت الدفن .

                                                                                                                              قول المتن ( والأصح تخصيص الصحة ) أي صحة الصلاة على القبر مغني زاد النهاية : والغائب ا هـ قال سم عبارة المنهج وشرحه وإنما تصح الصلاة على القبر والغائب عن البلد ممن كان من أهل فرضها وقت موته ا هـ وتلخص منه أن صلاة الصبي المميز صحيحة مسقطة للفرض ولو مع وجود الرجال في الميت الحاضر دون الغائب والقبر وهو مشكل فليحرر فرق واضح ا هـ وقد يفرق بضيق الوقت في الحاضر دونها وبأن في التأخير فيه إلى حضور البالغ إزراء وتهاونا ظاهرا دونهما ( قوله : حينئذ ) أي حين الموت ( قوله : مسلما طاهرا ) أي بخلاف الكافر والحائض يومئذ نهاية ( قوله : من طرأ تكليفه إلخ ) أي بأن بلغ أو أفاق بعد الموت أي أو من طرأ إسلامه أو طهره عن نحو الحيض بعده ( قوله : فيه ) أي فيما اقتضاه كلامهما ( قوله : ومن ثم جزم بعضهم إلخ ) اعتمده م ر ا هـ سم عبارة النهاية والمغني .

                                                                                                                              واعتبار الموت يقتضي أنه لو بلغ أو أفاق بعد الموت وقبل الغسل لم يعتبر ذلك والصواب خلافه لأنه لو لم يكن ثم غيره لزمته الصلاة اتفاقا وكذا لو كان ثم غيره فترك الجميع فإنهم يأثمون بل لو زال المانع بعد الغسل أو بعد الصلاة عليه وأدرك زمنا يمكن فيه الصلاة كان كذلك وحينئذ فينبغي الضبط بمن كان من أهل فرضها وقت الدفن ا هـ ونقل شرحا الروض والمنهج عن الإسنوي مثل ذلك وأقراه وقولهم بل لو زال المانع إلخ قال البجيرمي أي بأن بلغ أو أفاق أو أسلم أو طهرت من الحيض أو النفاس سم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وذلك ) راجع لما في المتن ( قوله : وهذه الصلاة لا يتطوع بها ) قال في المجموع معناه أنه لا يجوز الابتداء بصورتها من غير جنازة بخلاف صلاة الظهر يؤتى بصورتها ابتداء بلا سبب ثم قال لكن ما قالوه ينتقض بصلاة النساء مع الرجال فإنها لهن نافلة وهي صحيحة وقال الزركشي معناه أنها لا تفعل مرة بعد أخرى أي من صلاها لا يعيدها أي لا يطلب منه ذلك ولكن يأتي أنه لو أعادها وقعت له نافلة وكان هذا مستثنى من قولهم إن الصلاة إذا لم تكن مطلوبة لم تنعقد أما لو صلى عليها من لم يصل أولا فإنها تقع له فرضا مغني ونهاية .

                                                                                                                              وأقره سم قال ع ش قوله : م ر لو أعادها إلخ أي ولو مرارا أو منفردا كما نبه عليه سم على البهجة ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : صلاة النساء إلخ ) أي والصبي المميز بجيرمي ( قوله : وقد يرد عليه ) أي على التعليل المذكور ( قوله : وذاك ) أي غير المكلف والمسلم والطاهر عند الموت ( قوله : ولا ينافي [ ص: 152 ] هذا ) يحتمل أن المشار إليه ما في المتن من اعتبار حالة الموت ويحتمل أنه الجواب المذكور آنفا وهو الأقرب ( قوله : لأن هذه حالة ضرورة ) قال يقال وتلك كذلك سم وفيه توقف ظاهر إذ الشأن كثرة وجود المكلفين بالنسبة لصلاة الغائب والمدفون دون الحاضر الغير المدفون .




                                                                                                                              الخدمات العلمية