الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                [ ص: 598 ] قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون

                                                                                                                                                                                                والله شهيد : الواو للحال، والمعنى: لم تكفرون بآيات الله التي دلتكم على صدق محمد - صلى الله عليه وسلم - والحال أن الله شهيد على أعمالكم فمجازيكم عليها، وهذه الحال توجب أن لا تجسروا على الكفر بآياته، قرأ الحسن: (تصدون) من أصده.

                                                                                                                                                                                                عن سبيل الله : عن دين حق علم أنه سبيل الله التي أمر بسلوكها وهو الإسلام، وكانوا يفتنون المؤمنين ويحتالون لصدهم عنه، ويمنعون من أراد الدخول فيه بجهدهم، وقيل: أتت اليهود الأوس والخزرج فذكروهم ما كان بينهم في الجاهلية من العداوات والحروب ليعودوا لمثله تبغونها عوجا تطلبون لها اعوجاجا وميلا عن القصد والاستقامة.

                                                                                                                                                                                                فإن قلت: كيف تبغونها عوجا وهو محال؟ قلت فيه معنيان:

                                                                                                                                                                                                أحدهما: أنكم تلبسون على الناس حتى توهموهم أن فيها عوجا بقولكم: إن شريعة موسى لا تنسخ، وبتغييركم صفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن وجهها ونحو ذلك.

                                                                                                                                                                                                والثاني: أنكم تتعبون أنفسكم في إخفاء الحق وابتغاء ما لا يتأتى لكم من وجود العوج فيما هو أقوم من كل مستقيم، وأنتم شهداء : أنها سبيل الله التي لا يصد عنها إلا ضال مضل، أو وأنتم شهداء بين أهل دينكم، عدول يثقون بأقوالكم ويستشهدونكم في عظائم أمورهم، وهم الأحبار، وما الله بغافل وعيد، ومحل تبغونها نصب على الحال.

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية