الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون

                                                                                                                                                                                                هذا الكلام خطاب للملائكة وتقريع للكفار ، وارد على المثل السائر [من الرجز ] :

                                                                                                                                                                                                إياك أعني واسمعي يا جاره

                                                                                                                                                                                                [ ص: 128 ] ونحوه قوله تعالى : أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله [المائدة : 116 ] وقد علم سبحانه كون الملائكة وعيسى منزهين برآء مما وجه عليهم من السؤال الوارد على طريق التقرير ، والغرض أن يقول ويقولوا ، ويسأل ويجيبوا ، فيكون تقريعهم أشد ، وتعبيرهم أبلغ ، وخجلهم أعظم : وهو أنه ألزم ، ويكون اقتصاص ذلك لطفا لمن سمعه ، وزاجرا لمن اقتص عليه . والموالاة : خلاف المعاداة . ومنها : اللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وهي مفاعلة من الولي وهو القرب ، كما أن المعاداة من العدواء ، وهي البعد ، والولي : يقع على الموالي والموالى جميعا . والمعنى أنت الذي نواليه من دونهم ، إذ لا موالاة بيننا وبينهم ، فبينوا بإثبات موالاة الله ومعاداة الكفار : براءتهم من الرضا بعبادتهم لهم ; لأن من كان على هذه الصفة كانت حاله منافية لذلك بل كانوا يعبدون الجن يريدون الشياطين ، حيث أطاعوهم في عبادة غير الله . وقيل : صورت لهم الشياطين صور قوم من الجن وقالوا : هذه صور الملائكة فاعبدوها . وقيل : كانوا يدخلون في أجواف الأصنام إذا عبدت ، فيعبدون بعبادتها . وقرئ : (نحشرهم ) و (نقول ) بالنون والياء .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية