الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء

335 . و ( ابن معين ) قال : من أقول : (لا بأس به) فثقة ونقلا      336 . أن ابن مهدي أجاب من سأل :
أثقة كان أبو خلدة ؟ بل      337 . كان (صدوقا) (خيرا) (مأمونا)
الثقة ( الثوري ) لو تعونا      338 . وربما وصف ذا الصدق وسم
ضعفا ب (صالح الحديث) إذ يسم

التالي السابق


لما تقدم أن لألفاظ التعديل مراتب ، وأن قولهم : "ثقة" أرفع من "ليس به بأس" ; ذكر بعده أن كلام ابن معين يقتضي التسوية بينهما ، فإن ابن أبي خيثمة قال : قلت ليحيى بن معين : إنك تقول : فلان ليس به بأس ، وفلان ضعيف ، قال : إذا قلت لك : ليس به بأس ، فهو ثقة ، وإذا قلت لك : هو ضعيف ، فليس هو بثقة لا يكتب حديثه . قال ابن الصلاح : "ليس في هذا حكاية ذلك عن غيره من أهل الحديث ، فإنه نسبه إلى نفسه خاصة ، بخلاف ما ذكره ابن أبي حاتم " .

قلت : ولم يقل ابن معين : إن قولي : ليس به بأس ، كقولي : ثقة ، حتى يلزم منه [ ص: 374 ] التساوي بين اللفظين ، إنما قال : إن من قال فيه هذا فهو ثقة ، وللثقة مراتب . فالتعبير عنه بقولهم : ثقة ، أرفع من التعبير عنه بأنه لا بأس به ، وإن اشتركا في مطلق الثقة ، والله أعلم .

وفي كلام دحيم ما يوافق كلام ابن معين ، فإن أبا زرعة الدمشقي قال : قلت لعبد الرحمن بن إبراهيم : ما تقول في علي بن حوشب الفزاري ؟ قال : لا بأس به . قال : قلت : ولم لا تقول : ثقة ، ولا نعلم إلا خيرا ؟ قال : قد قلت لك : إنه ثقة . ويدل على أن التعبير بثقة أرفع; أن عبد الرحمن ابن مهدي قال : حدثنا أبو خلدة فقيل له : أكان ثقة ؟ فقال : كان صدوقا ، وكان مأمونا ، وكان خيرا - وفي رواية وكان خيارا - الثقة : شعبة وسفيان . فانظر كيف وصف أبا خلدة بما يقتضي القبول ، [ ص: 375 ] ثم ذكر أن هذا اللفظ يقال لمثل شعبة وسفيان . ونحوه ما حكاه المروذي قال : سألت أبا عبد الله - يعني : أحمد بن حنبل - عبد الوهاب بن عطاء ثقة ؟ قال : تدري ما الثقة ؟ ! إنما الثقة يحيى بن سعيد القطان .

وقولي : ( لو تعونا ) ، تكملة للوزن ، أي : لو تحفظون مراتب الرواة . وكان ابن مهدي أيضا - فيما ذكر أحمد بن سنان - ربما جرى ذكر حديث الرجل فيه ضعف ، وهو رجل صدوق ، فيقول : رجل صالح الحديث ، والله أعلم .




الخدمات العلمية