الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4628 405 - حدثنا إبراهيم بن موسى ، أخبرنا هشام بن يوسف ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن عبيد بن عمير ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب عسلا عند زينب بنت جحش ، ويمكث عندها فواطأت أنا وحفصة عن أيتنا دخل عليها فلتقل له : أكلت مغافير إني أجد منك ريح مغافير ، قال : لا ولكني كنت أشرب عسلا عند زينب بنت جحش ، فلن أعود له ، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدا .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله : وقد حلفت ، وإبراهيم بن موسى بن يزيد الفراء الرازي يعرف بالصغير ، وابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز [ ص: 249 ] ابن جريج وعطاء بن أبي رباح وعبيد بن عمير كلاهما بالتصغير أبو عاصم الليثي ، والحديث أخرجه البخاري أيضا في الطلاق ، وفي الأيمان والنذور عن الحسن بن محمد الزعفراني ، وأخرجه مسلم في الطلاق عن محمد بن حاتم ، وأخرجه أبو داود في الأشربة عن أحمد بن حنبل ، وأخرجه النسائي في الأيمان والنذور ، وفي عشرة النساء عن الحسن بن محمد الزعفراني به ، وفي الطلاق ، وفي التفسير عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " عند زينب بنت جحش " ويروى : " ابنة جحش " ، وهي إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم . قوله : " فواطيت " ، هكذا في جميع النسخ ، وأصله فواطأت بالهمزة ، أي اتفقت أنا وحفصة بنت عمر بن الخطاب إحدى زوجاته ، قوله : " عن أيتنا " ، أي عن أية كانت منا دخل عليها يعني على أية زوجة من زوجاته دخل عليها ، فإن قلت : كيف جاز لعائشة وحفصة الكذب والمواطأة التي فيها إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قلت : كانت عائشة صغيرة مع أنها وقعت منهما من غير قصد الإيذاء ، بل على ما هو من جبلة النساء في الغيرة على الضرائر ونحوها ، واختلف في التي شرب النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها العسل ; فعند البخاري زينب كما ذكرت ، وأن القائلة : " أكلت مغافير " عائشة وحفصة ، وفي رواية حفصة ، وأن القائلة : أكلت مغافير ، عائشة وسودة وصفية رضي الله تعالى عنهن ، وفي تفسير عبد بن حميد أنها سودة ، وكان لها أقارب أهدوا لها عسلا من اليمن ، والقائل له عائشة وحفصة ، والذي يظهر أنها زينب على ما عند البخاري ; لأن أزواجه صلى الله عليه وسلم كن حزبين على ما ذكرت عائشة ، قالت : أنا وسودة وحفصة وصفية في حزب ، وزينب وأم سلمة والباقيات في حزب . قوله : " أكلت مغافير " بفتح الميم بعدها غين معجمة جمع مغفور ، وقال ابن قتيبة : ليس في الكلام مفعول إلا مغفور ومغرور ، وهو ضرب من الكمأة ومنجور ، وهو المنجر ، ومغلوق واحد المغاليق ، والمغفور صمغ حلو كالناطف ، وله رائحة كريهة ينضجه شجر يسمى العرفط بعين مهملة مضمومة وفاء مضمومة نبات مر له ورقة عريضة تنفرش على الأرض ، وله شوكة وثمرة بيضاء كالقطن مثل زر قميص خبيث الرائحة ، وزعم المهلب أن رائحة العرفط والمغافير حسنة . انتهى . وهو خلاف ما يقتضيه الحديث وما قاله الناس ; قال أهل اللغة : العرفط من شجر العضاه ، وهو كل شجر له شوك وتخبث رائحة راعيته وروائح ألبانها حتى يتأذى بروائحها وأنفاسها الناس فيجتنبونها ، وحكى أبو حنيفة في المغفور والمغثور بثاء مثلثة وميم المغفور من الكلمة ، وقال الفراء : زائدة وواحده مغفر ، وحكى غيره مغفر ، وقال آخرون : مغفار ، وقال الكسائي : مغفر ، قلت : الأول بفتح الميم والثاني بضمها . والثالث على وزن مفعال بالكسر ، والرابع بكسر الميم فافهم . قوله : " قال : لا " ، أي قال النبي صلى الله عليه وسلم : لا أكلت مغافير ، ولكني كنت أشرب العسل عند زينب . قوله : " فلن أعود له " ، أي حلفت أنا على أن لا أعود لشرب العسل . قوله : " فلا تخبري " الخطاب لحفصة ; لأنها هي القائلة : " أكلت مغافير " ، أو غيرها على خلاف فيه ، أي لا تخبري أحدا عائشة أو غيرها بذلك ، وكان صلى الله عليه وسلم يبتغي بذلك مرضاة أزواجه ، وقال الخطابي : الأكثر على أن الآية نزلت في تحريم مارية القبطية حين حرمها على نفسه ، وقال لحفصة : لا تخبري عائشة فلم تكتم السر وأخبرتها ، ففي ذلك نزل وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية