الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          وحدثني عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن واقد أنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث قال عبد الله بن أبي بكر فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت صدق سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادخروا لثلاث وتصدقوا بما بقي قالت فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم ويجملون منها الودك ويتخذون منها الأسقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما ذلك أو كما قال قالوا نهيت عن لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم فكلوا وتصدقوا وادخروا يعني بالدافة قوما مساكين قدموا المدينة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          1047 1032 [ ص: 114 ] - ( مالك عن عبد الله بن أبي بكر ) بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري المتوفى سنة خمس وثلاثين ومائة عن سبعين سنة ( عن عبد الله بن واقد ) بالقاف ، ابن عبد الله بن عمر العدوي المدني التابعي ، مات سنة تسع عشرة ومائة ( أنه قال : نهى رسول الله - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ) من ذبحها ( قال عبد الله بن أبي بكر : فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن ) الأنصارية ( فقالت : صدق ) عبد الله بن واقد ( سمعت عائشة زوج النبي - صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم - تقول : دف ) بفتح الدال المهملة وشد الفاء ؛ أي : أتى ( ناس من أهل البادية ) والدافة الجماعة القادمة قاله ابن حبيب ، وقال الخليل : قوم يسيرون سيرا لينا ( حضرة الأضحى ) ؛ أي : وقت الأضحى ( في زمان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادخروا ) بشد الدال المهملة ( لثلاث وتصدقوا بما بقي فلما كان بعد ذلك ) في العام المقبل وقد سألوه هل يفعلون كما فعلوا العام الماضي ؟ قال ابن المنير : كأنهم فهموا أن النهي ذلك العام كان على سبب خاص وهو الدافة فإذا ورد العام على سبب خاص حاك في النفس من عمومه وخصوصه إشكال ، فلما كان مظنة الاختصاص عاودوا السؤال فبين لهم أنه خاص بذلك السبب ، ويشبه أن يستدل بهذا من يقول : إن العام يضعف عمومه بالسبب فلا يبقى على أصالته ولا ينتهي به إلى التخصيص .

                                                                                                          ألا ترى أنهم لو اعتقدوا بقاء العموم على أصالته لما سألوا ، ولو اعتقدوا الخصوص أيضا لما سألوا ، فدل سؤالهم على أنه ذو شأنين وهذا اختيار الجويني .

                                                                                                          ( قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لقد كان الناس ينتفعون بضحاياهم ) في الادخار والتزود ( ويجملون ) بالجيم ؛ أي : يذيبون ( منها الودك ) ، بفتحتين : الشحم ( ويتخذون منها الأسقية ) جمع سقاء ( فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وما ذلك ) الذي منعهم من الانتفاع ( أو كما قال ) شك الراوي ( قالوا : نهيت عن لحوم الضحايا [ ص: 115 ] بعد ثلاث ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إنما نهيتكم من أجل الدافة ) بالمهملة وبعد الألف فاء ثقيلة أصله لغة الجماعة التي تسير سيرا لينا ( التي دفت عليكم ) ؛ أي : قدمت ( فكلوا وتصدقوا وادخروا ) بشد الدال وكسر الخاء المعجمة ( يعني بالدافة قوما مساكين قدموا المدينة ) فأراد أن يعينوهم ولذا قالت عائشة : وليست بعزيمة ولكن أراد أن يطعم منها ، والله أعلم ؛ أي : بمراد نبيه .

                                                                                                          وهذا الحديث رواه مسلم من طريق روح بن عبادة وأبو داود عن القعنبي كلاهما عن مالك به .




                                                                                                          الخدمات العلمية