الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولا يحل بيع جلدها وشحمها ولحمها وأطرافها ورأسها وصوفها وشعرها ووبرها ولبنها الذي يحلبه منها بعد ذبحها بشيء لا يمكن الانتفاع به إلا باستهلاك عينه من الدراهم والدنانير والمأكولات والمشروبات ، ولا أن يعطي أجر الجزار والذابح منها ; لما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال { من باع جلد أضحيته فلا أضحية له } وروي أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لعلي رضي الله عنه : " تصدق بجلالها وخطامها ، ولا تعطي أجرا لجزار منها " وروي عن سيدنا علي - كرم الله وجهه - أنه قال : إذا ضحيتم فلا تبيعوا لحوم ضحاياكم ولا جلودها وكلوا منها وتمتعوا ولأنها من ضيافة الله - عز شأنه - التي أضاف بها عباده وليس للضيف أن يبيع من طعام الضيافة شيئا فإن باع شيئا من ذلك نفذ عند أبي حنيفة ومحمد .

                                                                                                                                وعند أبي يوسف لا ينفذ لما ذكرنا فيما قبل الذبح ويتصدق بثمنه ; لأن القربة ذهبت عنه فيتصدق به ولأنه استفاده بسبب محظور وهو البيع فلا يخلو عن خبث فكان سبيله التصدق وله أن ينتفع بجلد أضحيته في بيته بأن يجعله سقاء أو فروا أو غير ذلك ; لما روي عن سيدتنا عائشة رضي الله عنها أنها اتخذت من جلد أضحيتها سقاء ولأنه يجوز الانتفاع بلحمها فكذا بجلدها ، وله أن يبيع هذه الأشياء بما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه من متاع البيت كالجراب والمنخل ; لأن البدل الذي يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه يقوم مقام المبدل فكان المبدل قائما معنى فكان الانتفاع به كالانتفاع بعين الجلد بخلاف البيع بالدراهم والدنانير ; لأن ذلك مما لا يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه فلا يقوم مقام الجلد فلا يكون الجلد قائما معنى والله تعالى - عز شأنه - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية