الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه )

                                                                                                                                                                                                                                            ثم قال تعالى : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ) وهذا خطاب مع محمد صلى الله عليه وسلم ، فقوله : ( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق ) أي كل كتاب نزل من السماء سوى القرآن .

                                                                                                                                                                                                                                            وقوله : ( ومهيمنا عليه ) فيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 11 ] المسألة الأولى : في المهيمن قولان :

                                                                                                                                                                                                                                            الأول : قال الخليل ، وأبو عبيدة : يقال قد هيمن الرجل يهيمن إذا كان رقيبا على الشيء وشاهدا عليه حافظا ، قال حسان :


                                                                                                                                                                                                                                            إن الكتاب مهيمن لنبينا والحق يعرفه ذوو الألباب



                                                                                                                                                                                                                                            والثاني : قالوا : الأصل في قولنا : آمن يؤمن فهو مؤمن ، أأمن يؤأمن فهو مؤأمن بهمزتين ، ثم قلبت الأولى هاء كما في : هرقت وأرقت ، وهياك وإياك ، وقلبت الثانية ياء فصار مهيمنا فلهذا قال المفسرون ( ومهيمنا عليه ) أي أمينا على الكتب التي قبله .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثانية : إنما كان القرآن مهيمنا على الكتب ; لأنه الكتاب الذي لا يصير منسوخا ألبتة ، ولا يتطرق إليه التبديل والتحريف على ما قال تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ) [الحجر : 9] وإذا كان كذلك كانت شهادة القرآن على أن التوراة والإنجيل والزبور حق وصدق باقية أبدا ، فكانت حقيقة هذه الكتب معلومة أبدا .

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الثالثة : قال صاحب الكشاف : قرئ ( ومهيمنا عليه ) بفتح الميم لأنه مشهود عليه من عند الله تعالى بأن يصونه عن التحريف والتبديل لما قررنا من الآيات ، ولقوله ( لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ) [فصلت : 42] والمهيمن عليه هو الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية