الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا محمد بن جعفر عن حسين المعلم ) بكسر اللام المشددة ( عن عمرو بن شعيب ) أي ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ( عن أبيه ) قال ميرك : ضمير أبيه راجع إلى عمرو ، والضمير في قوله : ( عن جده ) راجع إلى أبيه شعيب ، وهو يروي عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص الصحابي المشهور ، ومحمد ليس بصحابي ، ولم يرو شعيب عن أبيه محمد ، كما تقرر عند النقاد كثيرا ما وقع في سنن أبي داود والنسائي وغيرهما ، بلفظ : عن عمرو بن شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص ، فحديثه متصل لا مطعن فيه ، وقال ابن حجر : أراد جده بواسطة أو جد أبيه ، وهو عبد الله الصحابي الجليل الأفضل من أبيه ، والأكثر منه ومن غيره تلقيا وأخذا للعلم عنه صلى الله عليه وسلم وحينئذ فحديثه موصول وروايته محتج بها ، ولهذا احتج بهذا السند أكثر الحفاظ لا سيما البخاري ، خرج له في القدر ، ونقل عن أحمد وعلي بن المديني وإسحاق أنهم احتجوا به ، وإنما يكون ذلك لقرائن أثبتت عندهم سماعه من جد أبيه عبد الله ، وكأنه خالف الآخرون نظرا لاحتماله الانقطاع ، ويرده ما تقرر من أنه لا عبرة بهذا الاحتمال مع كون الأكثرين على خلافه ، وزعم أنه أخذ هذا الإسناد من صحيفة لا اعتداد بها لم يثبت هو ولا ما يشير إليه فلا يعول عليه إذا عرض المتأخرون كالمتقدمين عن ذلك واحتجوا به ، ( قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ) أي أبصرته ( يشرب قائما ) أي نادرا لبيان الجواز ، وحمل النهي عنه على التنزيه ، أو لضرورة أو لخصوصية ، ( وقاعدا ) أي مرارا كثيرة لبيان الأفضل والوجه الأكمل وعادته الأجمل ، وهما حالان مترادفان ، وقال الحنفي : أي حال كونه شاربا في كلتا الحالتين [ ص: 309 ] حالة القيام ، وحالة القعود ، انتهى . وفيه - لا يخفى ، وأما ما قيل من أن النبي صلى الله عليه وسلم منزه عن فعل المكروه ، فكيف شرب قائما فمردود لأنه إذا كان لبيان الجواز فواجب عليه ، فكيف يكون مكروها .

التالي السابق


الخدمات العلمية