الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن ابن عباس في قوله : اذكروا الله ذكرا كثيرا . يقول : لا يفرض على عباده فريضة إلا جعل لها حدا معلوما، ثم عذر أهلها في حال عذر، غير الذكر فإن الله لم يجعل له حدا ينتهى إليه، ولم يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله، فقال : اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم بالليل والنهار في البر والبحر، في السفر والحضر، في الغنى والفقر، والصحة والسقم، والسر والعلانية، وعلى كل حال، وقال : وسبحوه بكرة وأصيلا فإذا فعلتم ذلك صلى عليكم هو وملائكته، قال الله تعالى : هو الذي يصلي عليكم وملائكته .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : اذكروا الله ذكرا كثيرا . قال : باللسان؛ بالتسبيح، والتكبير، والتهليل، والتحميد، واذكروه على كل حال : وسبحوه بكرة وأصيلا يقول : صلوا لله، بكرة : بالغداة، وأصيلا : بالعشي .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، والترمذي ، والبيهقي ، عن أبي سعيد الخدري، أن [ ص: 66 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل : أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ قال : "الذاكرون الله كثيرا" . قلت : يا رسول الله، ومن الغازي في سبيل الله؟ قال : لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما، لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ومسلم والترمذي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله؟ قال : الذاكرون الله كثيرا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن رجلا سأله فقال : أي المجاهدين أعظم أجرا؟ قال : أكثرهم لله ذكرا . قال : فأي الصائمين أعظم أجرا؟ قال : أكثرهم لله ذكرا، ثم ذكر الصلاة والزكاة والحج والصدقة، كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : أكثرهم لله ذكرا . فقال أبو بكر لعمر : يا أبا حفص، ذهب الذاكرون بكل خير . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أجل .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : بينما نحن [ ص: 67 ] نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدف بين جمدان، قال : يا معاذ، أين السابقون؟ قلت : مضى ناس وتخلف ناس، قال : أين السابقون الذين يستهترون بذكر الله؟ من أحب أن يرتع في رياض الجنة فليكثر ذكر الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن أم أنس، أنها قالت : يا رسول الله أوصني . قال : اهجري المعاصي، فإنها أفضل الهجرة، وحافظي على الفرائض؛ فإنها أفضل الجهاد، وأكثري من ذكر الله؛ فإنك لا تأتين الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني في "الأوسط" عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من لم يكثر ذكر الله فقد برئ من الإيمان .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وأبو يعلى، وابن حبان ، والحاكم وصححه والبيهقي ، [ ص: 68 ] عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذكروا الله ذكرا حتى يقول المنافقون : إنكم تراءون .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد "الزهد" عن أبي الجوزاء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أكثروا من ذكر الله حتى يقول المنافقون : إنكم مراءون .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية