الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي من الأعيان :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ عماد الدين محمد بن يونس الفقيه الشافعي الموصلي ، صاحب التصانيف والفنون الكثيرة ، كان رئيس الشافعية بالموصل ، وبعث رسولا إلى بغداد بعد موت نور الدين أرسلان ، وكان عنده وسوسة كثيرة في الطهارة ، وكان يعامل في الأموال بمسألة العينة - ولو عكس الأمر لكان خيرا له - فلقيه يوما قضيب البان الموله ، فقال له : يا شيخ بلغني عنك أنك تغسل العضو من [ ص: 29 ] أعضائك بأباريق من الماء ، فلم لا تستنظف اللقمة التي تأكلها ليستنظف قلبك وباطنك؟! ففهم الشيخ ما أشار إليه وترك المعاملة ، وكانت وفاته بالموصل في رجب عن ثلاث وسبعين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ابن حمدون تاج الدين أبو سعد الحسن بن محمد بن حمدون ، ولد صاحب التذكرة الحمدونية ، كان فاضلا بارعا ، اعتنى بجمع الكتب المنسوبة وغيرها ، وولاه الخليفة المارستان العضدي ، وكانت وفاته بالمدائن ، وحمل إلى مقابر قريش .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها توفي صاحب الروم خسروشاه بن قليج أرسلان ، وقام بالملك بعده ولده كيكاوس ، فلما توفي في سنة خمس عشرة ملك أخوه كيقباذ .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صارم الدين بزغش العادلي ، نائب القلعة بدمشق ، مات في صفر ، ودفن بتربته غربي الجامع المظفري ، وهو الذي نفى الحافظ عبد الغني المقدسي إلى مصر ، وبين يديه كان عقد المجلس ، وكان في جملة من قام عليه ابن الزكي والخطيب الدولعي ، وقد توفوا أربعتهم وغيرهم ممن قام عليه ، واجتمعوا عند ربهم الحكم العدل سبحانه .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 30 ] الأمير فخر الدين سركس ، ويقال له : جهاركس أحد أمراء الدولة الصلاحية ، وإليه تنسب قباب سركس بالسفح تجاه تربة خاتون ، وبها قبره . قال ابن خلكان : وهو الذي بنى القيسارية الكبرى بالقاهرة المنسوبة إليه ، وبنى في أعلاها مسجدا معلقا وربعا ، وقد ذكر جماعة من التجار أنهم لم يروا لها نظيرا في البلدان في حسنها وعظمها وإحكام بنائها . قال : وجهاركس بمعنى أربعة أنفس .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قلت : وقد كان نائبا للعادل على بانياس وتبنين وهونين ، فلما توفي ترك ولدا صغيرا ، فأقره العادل على ما كان يليه أبوه ، وجعل له مدبرا وهو الأمير صارم الدين خطلبا التبنيني ، ثم استقل بها بعد موت الصبي إلى سنة خمس عشرة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الشيخ الكبير المعمر الرحلة أبو القاسم أبو بكر أبو الفتح منصور بن عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي النيسابوري ، سمع أباه وجد أبيه وغيرهما ، وعنه ابن الصلاح وغيره ، وكانت وفاته بنيسابور في شعبان هذه [ ص: 31 ] السنة عن خمس وثمانين سنة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قاسم الدين التركماني العقيبي ، والد والي البلد ، كانت وفاته في شوال من هذه السنة . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية