الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ويطوف المتمتع للعمرة ، والمفرد والقارن للقدوم ، وهو الورود . وفي [ ص: 496 ] الفصول والمستوعب والترغيب وغيرها بعد تحية المسجد ، والأول المذهب ، نقل حنبل نرى لمن قدم مكة أن يطوف ; لأنه صلاة ، والطواف أفضل من الصلاة ، والصلاة بعد ذلك . وعن ابن عباس : الطواف لأهل العراق ، والصلاة لأهل مكة . وكذا عطاء . وذكره القرافي المالكي وغيره اتفاقا ، بخلاف السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ، لتقديم حق الله على حق الأنبياء ، وهو ظاهر كلام أصحابنا وغيرهم ، وعند شيخنا : لا يشتغل بدعاء ، فيحاذي الحجر الأسود أو بعضه وهو جهة المشرق ببدنه ، واختار جماعة : يجزئه ببعضه ، وفي المجرد احتمال : لا يجزئه إلا بكل بدنه ، قال في أسباب الهداية : وليمر بكل الحجر بكل بدنه ، فيستلمه بيده اليمنى [ ويقبله ] نقل الأثرم : ويسجد عليه ، وأن ابن عمر وابن عباس فعلاه . وإن شق قبل يده . نقله الأثرم ، ونقل ابن منصور : لا بأس . وظاهره لا يستحب ، قاله القاضي .

                                                                                                          وفي الروضة : هل له أن يقبل يده ؟ فيه اختلاف بين أصحابنا : وإلا استلمه بشيء وقبله . وفي الروضة : في تقبيله الخلاف في اليد ، ويقبله وإلا أشار إليه بيده أو بشيء . ولا يقبله في الأصح ولا يزاحم فيؤذي أحدا ، لما روى أحمد عن شيخ مجهول عن عمر : { أن النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 497 ] قال له إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر } وفي استقباله بوجهه وجهان ( م 1 ) وعند شيخنا هو السنة ، وفي الخلاف : لا يجوز أن يبتدئه غير مستقبل له في الطواف محدثا ، قال جماعة [ وإن بدأ بغير الحجر احتسب من الحجر ] ويقول : بسم الله ، والله أكبر ، وإيمانا بك ، وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك ، واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم . ثم يجعل البيت عن يساره ، فيقرب جانبه الأيسر إليه ، قال شيخنا : لكون الحركة الدورية تعتمد فيها اليمنى على اليسرى ، فلما كان الإكرام في ذلك للخارج جعل لليمنى ، فأول ركن يمر به يسمى الشامي والعراقي ، وهو جهة الشام ، ثم يليه الركن الغربي والشامي ، وهو جهة المغرب ، ثم اليماني جهة اليمن .

                                                                                                          ثم يرمل في ثلاثة أشواط ، ولا يقضيه ولا بعضه في غيرها ، فيسرع [ ص: 498 ] المشي ويقارب الخطا ، وهو أولى من الدنو من البيت والتأخير له أو للدنو أولى .

                                                                                                          وفي الفصول : لا ينتظر للرمل ، كما لا يترك الصف الأول لتعذر التجافي في الصلاة . وفيه في فصول اللباس من صلاة الخوف : العدو في المسجد على مثل هذا الوجه مكروه جدا ، كذا قال ، ويتوجه : ترك الأولى ، ثم يمشي أربعا ، يستلم الحجر في كل مرة ، وكذا الركن اليماني ، نص عليه . وقيل يقبل يده . وفي الخرقي والإرشاد : يقبله ، ولا يستلم الركنين الآخرين ، نص عليه ; لأنهما لم يتما على قواعد إبراهيم ، وكلما حاذى الحجر ونص عليه في المحرر في رمله كبر . وذكر جماعة : وهلل . ونقل الأثرم : ورفع يديه ، وذكره جماعة : وقال ما تقدم ، وبين الركنين .

                                                                                                          وفي المحرر : آخر طوافه بينهما { ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار } ويكثر في بقية رمله وطوافه من الذكر والدعاء ، ومنه : رب اغفر وارحم ، واهدني السبيل الأقوم . وذكر أحمد أنه يقوله في سعيه .

                                                                                                          وفي المستوعب وغيره : ويرفع يديه ، وأنه يقف في كل طوافه عند الملتزم والميزاب وكل ركن ويدعو ، وله القراءة ، نص عليه ، فتستحب .

                                                                                                          وقاله الآجري ، ونقل أبو داود : أيهما أحب إليك فيه ؟ قال : كل ، وعنه : تكره القراءة ، قال في الترغيب لتغليطه مصلين .

                                                                                                          وقال شيخنا : ليس له إذا ، وقال شيخنا : تستحب [ ص: 499 ] القراءة فيه لا الجهر بها .

                                                                                                          وقال القاضي وغيره : ولأنه صلاة ، وفيها قراءة ودعاء ، فيجب كونه مثلها .

                                                                                                          وقال شيخنا : وجنس القراءة أفضل من [ جنس ] الطواف ، قال أحمد : لا بأس بالتزاحم فيه ، ولا يعجبني التخطي .

                                                                                                          ولا يسن رمل واضطباع لامرأة أو محرم من مكة أو حامل معذور ، نص عليه ، ولا في غيره ، وذكر الآجري : يرمل بالمحمول ، وقيل : من تركهما فيه أو لم يسع عقب طواف القدوم أتى بهما في طواف الزيارة أو غيره ، ولم يذكر ابن الزاغوني في منسكه الرمل والاضطباع إلا في طواف الزيارة ، ونفاهما في طواف الوداع ، ويجزئ الطواف راكبا لعذر ، نقله الجماعة ، وعنه : ولغيره ، اختاره أبو بكر وابن حامد ، وعنه : مع دم ، وكذا المحمول مع نيته . وصحة أخذ الحامل منه الأجرة يدل على أنه قصده به ; لأنه لا يصح أخذها عما يفعله عن نفسه ، وذكره القاضي وغيره . ويأتي في الحلق : لا يشارطه عليه ; لأنه نسك ، وقيل : مع نيتهما يجزئ عنهما ، وقيل عكسه ، وكذا السعي راكبا ، نص عليه ، وذكره الخرقي والقاضي وغيرهما ، وذكر الشيخ : يجزئ .

                                                                                                          وقال أحمد : إنما طاف عليه السلام راكبا ليراه الناس ، قال جماعة : فيجيء من هذا [ أنه ] لا بأس به للإمام الأعظم ليرى الجهال .

                                                                                                          وإن طاف على جدار الحجر أو جعل البيت عن يمينه أو ترك شيئا منه ولو الأقل ورجع إلى أهله نص على الكل أو لم ينوه أو وراء [ ص: 500 ] حائل وقيل : ولو في المسجد . جزم به في المستوعب لم يجزئه ، وكذا طوافه على الشاذروان عند شيخنا : ليس هو منه بل جعل عمادا للبيت وفي الفصول : إن طاف حول المسجد احتمل أن لا يجزئه ، ولم يزد . وإن طاف على سطح المسجد توجه الإجزاء كصلاته إليها .

                                                                                                          [ ص: 497 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 497 ] باب صفة الحج والعمرة ( مسألة 1 ) قوله : وفي استقباله بوجهه وجهان ، انتهى ، وأطلقهما في التلخيص والرعايتين والحاويين .

                                                                                                          ( أحدهما ) يستحب ، وهو الصحيح ، قال الشيخ تقي الدين : هو السنة ، وهو ظاهر كلام الخرقي ، وظاهر ما قطع به الشيخ في المغني والشرح فإنهما قالا : فإن لم يمكنه استلامه وتقبيله قام بحذائه واستقبله بوجهه وكبر وهلل ، لكن هذه صورة مخصوصة ، وجزم به الزركشي وغيره ، وهو ظاهر ما جزم به ابن رزين في شرحه أيضا ( والوجه الثاني ) لا يستحب .




                                                                                                          الخدمات العلمية