الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        الطلاق مرتان [ 229 ]

                                                                                                                                                                                                                                        ابتداء وخبر ، والتقدير : عدد الطلاق الذي تملك معه الرجعة مرتان . فإمساك بمعروف ابتداء ، والخبر محذوف أي فعليكم إمساك بمعروف ، ويجوز في غير القرآن : " فإمساكا " على المصدر . ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا [ ص: 314 ] " أن " في موضع رفع بيحل إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله وقرأ أبو جعفر يزيد بن القعقاع ، وحمزة : ( إلا أن يخافا ) بضم الياء ، وهو اختيار أبي عبيد ، قال : لقوله : فإن خفتم فجعل الخوف لغيرهما ، ولم يقل : فإن خافا ، وفي هذا حجة لمن جعل الخلع إلى السلطان . قال أبو جعفر : أنا أنكر هذا الاختيار على أبي عبيد ، وما علمت في اختياره شيئا أبعد من هذا الحرف ؛ لأنه لا يوجب الإعراب ولا اللفظ ولا المعنى ما اختاره . فأما الإعراب ؛ فإنه يحتج له بأن عبد الله بن مسعود قرأ : ( إلا أن تخافوا أن لا يقيما حدود الله ) فهذا في العربية إذا رد إلى ما لم يسم فاعله ؛ قيل : إلا أن يخاف أن لا يقيم حدود الله . وأما اللفظ ؛ فإن كان على لفظ " يخافا " وجب أن يقال : فإن خيف ، وإن كان على لفظ فإن خفتم وجب أن يقال : إلا أن تخافوا . وأما المعنى ؛ فإنه يبعد أن يقال : لا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخاف غيركم ، ولم يقل تعالى : فلا جناح عليكم أن تأخذوا له منها فدية ، فيكون الخلع إلى السلطان ، وقد صح عن عمر وعثمان وابن عمر أنهم أجازوا الخلع بغير السلطان . وقال القاسم بن محمد : " إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله " ما يجب عليهما في العشرة والصحبة . فأما " فإن خفتم " ، وقبله " إلا أن يخافا " ؛ فهذا مخاطبة الشريعة ، وهو من لطيف كلام العرب ، أي : فإن كنتم كذا فإن خفتم ، ونظيره " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن " لأن الولي يعضل غيره ، ونظيره والذين يظاهرون من نسائهم و أن يخافا في موضع نصب استثناء ليس من الأول ألا يقيما في موضع نصب ، أي : من أن لا يقيما ، وبأن لا يقيما ، وعلى أن لا ، فلما [ ص: 315 ] حذف الحرف تعدى الفعل . وقول من قال : " يخافا بمعنى يوقنا " لا يعرف ، ولكن يقع النشوز فيقع الخوف من الزيادة ألا يقيما حدود الله أكثر العلماء وأهل النظر على أن هذا للمرأة خاصة لأنها التي لا تقيم حدود الله في نشوزها ، وهذا معروف في كلام العرب بين في المعقول ، ولو أن رجلا وامرأة اجتمعا فصلى الرجل ولم تصل المرأة ؛ لقلت : ما صليا ، وهذا لا يكون إلا في النفي خاصة .

                                                                                                                                                                                                                                        فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به يقال : إنما الجناح على الزوج ، فكيف قال : " عليهما " ؟

                                                                                                                                                                                                                                        فالجواب أنه قد كان يجوز أن يحظر عليهما أن يفتدي منه فأطلق لها ذلك وأعلم أنه لا إثم عليهما جميعا . وقال الفراء : قد يجوز أن يكون " فلا جناح عليهما " للزوج وحده ، مثل : يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان

                                                                                                                                                                                                                                        ومن يتعد حدود الله في موضع جزم بالشرط فلذلك حذفت منه الألف ، والجواب : فأولئك هم الظالمون

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية