الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا "أنى "؛ بمعنى "كيف "؛ وهي للاستغراب؛ لتأثرها بنظرية الأسباب؛ التي كانت سائدة؛ ولأن هذا هو النظام الذي كانت تعرفه؛ ويعرفه الناس؛ وموضع الاستغراب أن يكون لها غلام ولم يكن أحد من الرجال قد مسها؛ أي: خالطها مخالطة جنسية بزواج شرعي؛ أي أنها لم تزف إلى رجل في الحلال؛ ولم تك بغيا؛ أي: امرأة مبغية مقصودة من الرجال؛ بل كانت عفيفة نزيهة طاهرة؛ و "بغي ": قال بعض الصرفيين: إنها على وزن "فعول "؛ دخلها الإعلال بأن اجتمعت الواو والياء؛ وسبقت إحداهما بالتسكين؛ فعلت؛ وأدغمت الياء؛ وعندي أنها على وزن "فعيلة "؛ بمعنى "مفعول "؛ ولم تلحقها التاء؛ وذلك مثل "قتيل "؛ و "جريح "؛ والمرأة المتفحشة يقال لها: "بغي "؛ لأنها تبتغى من الرجال؛ ويطلبونها. [ ص: 4624 ] فنفت لذلك السيدة البتول بذلك الزواج؛ وأن تكون قد زفت لبشر؛ وأنها لم تكن تبتغى من الرجال؛ وهذا موضع استبعادها مأسورة بحكم الأسباب العادية؛ وقد سيطرت النظرية التي تفرض الأسباب والمسببات في كل الوجود.

                                                          وقد رد الله - سبحانه وتعالى - قولها بأنه - سبحانه - أراد ذلك؛ وإرادته فوق الأسباب؛ ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية