الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا الواو عاطفة؛ فبعد أن نهى المنادي عن الحزن؛ أخذ يدعوها بعد الانصراف أن تأكل مستريحة مطمئنة؛ وأن تشرب هنيئا مريئا؛ وتلتفت إلى حاجة الجسم؛ الذي نهكه المخاض؛ وتحتاج إلى تعويضه.

                                                          والباء في قوله (تعالى): وهزي إليك بجذع النخلة يقول الزمخشري : إنها صلة للتأكيد؛ كقوله (تعالى): ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ؛ وأرى أن الباء للدلالة على تسهيل وصول الرطب إليها; ذلك أنها تهز في مكان؛ هو الجذع؛ تتساقط عليها الرطب من علي؛ وذلك - بلا ريب - تيسيرا للوصول؛ فلا تهز من أعلى؛ بل تهز بمكان قريب منها؛ وهي النفساء؛ والتي تتعبها الحركة الكثيرة؛ وقوله: "إليك "؛ للإشارة إلى قرب المكان الذي تهز منه بشدة إليها؛ وقال الزمخشري : إن في قوله (تعالى): تساقط عليك رطبا جنيا تسع قراءات؛ وكل يتعلق بحركات الفاء؛ ولا فرق كبيرا بين معاني هذه القراءات؛ ولذا لا حاجة إلى [ ص: 4630 ] ذكرها؛ ولتراجع في موضعها؛ والرطب: البلح الطيب السهل في تناوله؛ و "الجني ": القريب الجني؛ أي أنه لم تمض عليه مدة تفسده؛ وجاء في الكشاف: وقالوا: كان من العجوة؛ وقيل: ما للنفساء خير من الرطب؛ ولا للمريض خير من العسل؛ وقيل: إذا عسر ولادها لم يكن لها خير من الرطب.

                                                          وقد قال أكثر المفسرين: إن جذع النخلة كان جافا؛ وهي جافة؛ ولم يكن فيها ثمر؛ فأثمرت؛ فكان ذلك خارقا للعادة؛ ونقول: إن الآيات الكريمات الخاصة بالحمل بعيسى - عليه السلام -؛ وولادته؛ ثرية بالخوارق؛ فلا نزيد عليها إلا ما يثبت بالنص؛ ولا نفرض من غير نص.

                                                          وإذا كان الطعام والشراب قد توافرا؛ فقد كان حقا عليها أن تأكل وتشرب؛ ولذا قال (تعالى):

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية