الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 2687 ) مسألة : قال : ( وكلما قتل صيدا حكم عليه ) معناه أنه يجب الجزاء بقتل الصيد الثاني ، كما يجب عليه إذا قتله ابتداء . وفي هذه المسألة عن أحمد ثلاث روايات ; إحداهن ، أنه يجب في كل صيد جزاء .

                                                                                                                                            وهذا ظاهر المذهب . قال أبو بكر : هذا أولى القولين بأبي عبد الله . وبه قال ، الثوري ، والشافعي ، وإسحاق ، وابن المنذر ، وأصحاب الرأي . والثانية ، لا يجب إلا في المرة الأولى ، وروي ذلك عن ابن عباس . وبه قال شريح ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، والنخعي ، وقتادة ; لأن [ ص: 277 ] الله تعالى قال { : ومن عاد فينتقم الله منه } . ولم يوجب جزاء . والثالثة ، إن كفر عن الأول فعليه للثاني كفارة ، وإلا فلا شيء للثاني ; لأنها كفارة تجب بفعل محظور في الإحرام ، فيدخل جزاؤها قبل التكفير ، كاللبس والطيب .

                                                                                                                                            ولنا ، أنها كفارة عن قتل ، فاستوى فيه المبتدئ والعائد ، كقتل الآدمي ، ولأنها بدل متلف يجب به المثل أو القيمة ، فأشبه بدل مال الآدمي . قال أحمد : روي عن عمر وغيره ، أنهم حكموا في الخطأ ، وفي من قتل ، ولم يسألوه : هل كان قتل قبل هذا أو لا ؟ وإنما هذا يعني لتخصيص الإحرام ومكانه ، والآية اقتضت الجزاء على العائد بعمومها . وذكر العقوبة في الثاني لا يمنع الوجوب ، كما قال الله تعالى { : فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .

                                                                                                                                            وقد ثبت أن العائد لو انتهى كان له ما سلف ، وأمره إلى الله . ولا يصح قياس جزاء الصيد على غيره ; ولأن جزاءه مقدر به ، ويختلف بصغره وكبره ، ولو أتلف صيدين معا وجب جزاؤهما ، فكذلك إذا تفرقا ، بخلاف غيره من المحظورات .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية