الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية قال قوم : إن قوله : { أو أثارة من علم } يعني بذلك علم الخط ، وهو الضرب في التراب لمعرفة الكوائن في المستقبل أو فيما مضى مما غاب عن الضارب ، وأسندوا ذلك عن ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصح .

                                                                                                                                                                                                              وفي مشهور الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { كان نبي من الأنبياء يخط ، فمن وافق خطه فذلك } ولم يصح أيضا .

                                                                                                                                                                                                              واختلفوا في تأويله ، فمنهم من قال : إنه جاء لإباحة الضرب به ; لأن بعض الأنبياء كان يفعله ، ومنهم من قال : جاء للنهي عنه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { فمن وافق [ ص: 105 ] خطه فذلك } . ولا سبيل إلى معرفة طريق النبي المتقدم فيه فإذا لا سبيل إلى العمل به :

                                                                                                                                                                                                              لعمرك ما تدري الضوارب بالحصى ولا زاجرات الطير ما الله صانع

                                                                                                                                                                                                              وحقيقته عند أربابه ترجع إلى صور الكواكب ، فيدل ما يخرج منها على ما تدل عليه تلك الكواكب من سعد أو نحس يحل بهم ، فصار ظنا مبنيا على ظن ، وتعلقا بأمر غائب قد درست طريقه ، وفات تحقيقه ، وقد نهت الشريعة عنه ، وأخبرت أن ذلك مما اختص الله به ، وقطعه عن الخلق ، وإن كانت لهم قبل ذلك أسباب يتعلقون بها في درك الغيب ; فإن الله تعالى قد رفع تلك الأسباب ، وطمس تلك الأبواب ، وأفرد نفسه بعلم الغيب ; فلا يجوز مزاحمته في ذلك ، ولا تحل لأحد دعواه ، وطلبه عناء لو لم يكن فيه نهي ، فإذ قد ورد النهي فطلبه معصية أو كفر بحسب قصد الطالب .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية