الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
23362 10165 - (23879) - (6\10) عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن جعفر بن الزبير، قال: سمعت زياد بن ضميرة بن سعد السلمي، يحدث عروة بن الزبير، عن أبيه ضميرة، وعن جده، وكانا شهدا حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالا: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم عمد إلى ظل شجرة فجلس فيه وهو بحنين، فقام إليه الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر، يختصمان في عامر بن الأضبط الأشجعي، وعيينة يطلب بدم عامر، وهو يومئذ رئيس غطفان، والأقرع بن حابس يدفع عن محلم بن جثامة بمكانه من خندف، فتداولا الخصومة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن نسمع، فسمعنا عيينة وهو يقول: والله يا رسول الله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحر ما ذاق نسائي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " بل تأخذون الدية: خمسين في سفرنا هذا، وخمسين إذا رجعنا " قال: وهو يأبى عليه إذ قام رجل من بني ليث يقال له: مكيتل، قصير مجموع، فقال: يا رسول الله، والله ما وجدت لهذا القتيل شبها في غرة الإسلام إلا كغنم وردت فرميت أوائلها فنفرت أخراها، اسنن اليوم وغير غدا، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، ثم قال: " بل تأخذون الدية خمسين في سفرنا هذا، وخمسين إذا رجعنا " قال: فقبلوا الدية، ثم قالوا: أين صاحبكم يستغفر له رسول الله؟ [ ص: 92 ] قال: فقام رجل آدم ضرب طويل، عليه حلة له، قد كان تهيأ فيها للقتل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: " ما اسمك؟ " قال: أنا محلم بن جثامة، قال: فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال: " اللهم لا تغفر لمحلم بن جثامة "، قم فقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه، قال: فأما نحن بيننا فنقول: إنا نرجو أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استغفر له، وأما ما ظهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا.

التالي السابق


* قوله: "عن محلم": - على لفظ اسم الفاعل؛ من التحليم - .

* "جثامة" - بفتح جيم فتشديد مثلثة - .

* "خندف": - بكسر فسكون فكسر - : اسم قبيلة.

* "مكيتل": ضبط: - بالتصغير - .

* "مجموع": أي: مكتنز اللحم، أو هو بيان لغاية قصره؛ حتى كأنه جمع بعض أعضائه إلى بعض.

* "في غرة الإسلام": أي: في أوله.

* فنفرت أواخرها": أي: فاقتله؛ حتى يكون عبرة لغيره.

* "اسنن": أمر من سن؛ من باب نصر؛ أي إن تركت قتله فكأنك قررت الحكم يوما، وغيرته في اليوم الثاني.

* "فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم . . . إلخ": أي: ما التفت إلي.

* قوله: "ضرب": خفيف اللحم.

* * *




الخدمات العلمية