الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال ( ويرتب الوضوء فيبدأ بما بدأ الله تعالى بذكره [ ص: 35 ] وبالميامن ) فالترتيب في الوضوء سنة عندنا . وقال الشافعي : فرض لقوله تعالى { فاغسلوا وجوهكم } الآية ، والفاء للتعقيب . ولنا أن المذكور فيها حرف الواو وهي لمطلق الجمع بإجماع أهل اللغة فتقتضي إعقاب غسل جملة الأعضاء والبداءة بالميامن فضيلة لقوله عليه الصلاة والسلام { إن الله تعالى يحب التيامن في كل شيء حتى التنعل والترجل } .

التالي السابق


( قوله والفاء للتعقيب ) فيفيد وجوب تعقيب القيام إلى الصلاة بغسل الوجه فيلزم الترتيب بين الوجه وغيره فيلزم في الكل لعدم القائل بالفصل .

قلنا : لا نسلم إفادتها تعقيب القيام به بل جملة الأعضاء .

وتحقيقه أن المعقب طلب الغسل وله متعلقات وصل إلى أولها ذكرا بنفسه ، والباقي بواسطة الحرف المشرك فاشتركت كلها فيه من غير إفادة طلب تقديم تعليقه ببعضها على بعض في الوجود ، فصار مؤدى التركيب طلب إعقاب غسل جملة الأعضاء ، وهذا عين ما في الكتاب ، وهو عين نظير قولك ادخل السوق فاشتر لنا خبزا ولحما حيث كان المفاد إعقاب الدخول بشراء ما ذكر فكيف وقع ، ودعوى المصنف إجماع أهل اللغة على أن الواو لمطلق الجمع تبع للفارسي ، وهو بناء على عدم اعتبار قول القائلين بأنها للترتيب أو للقرآن ( قوله والبداءة بالميامن فضيلة ) أي مستحب ، ثم استدل عليه بقوله صلى الله عليه وسلم { إن الله يحب التيامن في كل شيء } وهو معنى ما روى الستة عن عائشة { كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب التيامن في كل شيء في طهوره وتنعله وترجله وشأنه كله } وهو بناء على عدم استلزام المحبوبية المواظبة ; لأن جميع المستحبات محبوبة له صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أنه [ ص: 36 ] لم يواظب على كلها ، وإلا لم تكن مستحبة بل مسنونة ، لكن أخرج أبو داود وابن ماجه عنه صلى الله عليه وسلم { إذا توضأتم فابدءوا بميامنكم } وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما قال في الإمام : وهو جدير بأن يصحح ، وغير واحد ممن حكى وضوءه صلى الله عليه وسلم صرحوا بتقديم اليمنى على اليسرى من اليدين والرجلين ، وذلك يفيد المواظبة ; لأنهم إنما يحكون وضوءه الذي هو دأبه وعادته فيكون سنة ، وبمثله ثبتت سنية الاستيعاب ; لأنهم كذلك حكوا المسح .

وفي القنية عن بعضهم : إذا داوم على ترك استيعاب الرأس بغير عذر يأثم كأنه والله أعلم لظهور رغبته عن السنة ، فالحق أن الكل سنة .

ومسح الرقبة مستحب بظهر اليدين لعدم استعمال بلتهما ، والحلقوم بدعة .

وقيل مسح الرقبة أيضا بدعة ، وفيما قدمنا من رواية اليامي أنه صلى الله عليه وسلم مسح الرقبة مع مسح الرأس .

وفي حديث وائل المقدم : وظاهر رقبته .

. وقيل إن مسح الأذنين أدب .

ومن السنن الترتيب بين المضمضة والاستنشاق ، والبداءة من مقدم الرأس ومن رءوس الأصابع في اليدين والرجلين ، ووجهه على ما عن بعض المشايخ أنه تعالى جعل المرافق والكعبين غاية الغسل فتكون منتهى الفعل .

[ الآداب ] ترك الإسراف والتقتير وكلام الناس والاستعانة .

وعن الوبري لا بأس بصب الخادم ، كان عليه الصلاة والسلام يصب الماء عليه ، والتمسح بخرقة يمسح بها موضع الاستنجاء .

ومنها استقاء مائه بنفسه ، والمبادرة إلى ستر العورة بعد الاستنجاء ، ونزع خاتم عليه اسمه تعالى أو اسم نبيه صلى الله عليه وسلم حال الاستنجاء ، وكون آنيته من خزف ، وأن يغسل عروة الإبريق ثلاثا ووضعه على يساره ، وإن كان إناء يغترف منه فعن يمينه ، ووضع يده حالة الغسل على عروته لا رأسه ، والتأهب بالوضوء قبل الوقت ، وذكر الشهادتين عند كل عضو ، واستقبال القبلة في الوضوء ، واستصحاب النية في جميع أفعاله ، وتعاهد الموقين وما تحت الخاتم ، والذكر الملفوظ عند كل عضو ، وأن لا يلطم وجهه بالماء ، وإمرار اليد على الأعضاء المغسولة ، والتأني ، والدلك خصوصا في الشتاء ، وتجاوز حدود الوجه واليدين والرجلين ليستيقن غسلهما ، ويطيل الغرة ، وقول : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين إلخ ، وأن يشرب فضل وضوئه قائما مستقبلا ، قيل وإن شاء قاعدا ، وصلاة ركعتين عقيبه ، وملء آنيته استعدادا ، وحفظ ثيابه من المتقاطر ، والامتخاط بالشمال عند الاستنشاق ويكره باليمين ، وكذا إلقاء البزاق في الماء ، والزيادة على ثلاث في غسل الأعضاء ، وبالماء المشمس

[ تتمة ] شك في بعض وضوئه قبل الفراغ فعل ما شك فيه إن كان أول شك وإلا فلا عليه وإن شك بعده فلا مطلقا .




الخدمات العلمية