الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الترتيل في القراءة

وقول الله عز وجل : ( ورتل القرآن ترتيلا ) [ المزمل : 4 ] ، وقوله : ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ) [ الإسراء : 106 ] يكره أن يهذ كهذ الشعر ، يفرق : يفصل ، قال ابن عباس : ( فرقناه ) فصلناه .

حدثنا أبو النعمان ، حدثنا مهدي بن ميمون ، حدثنا واصل [ وهو ابن حيان الأحدب ] عن أبي وائل ، عن عبد الله قال : غدونا على عبد الله ، فقال رجل : قرأت المفصل البارحة ، فقال : هذا كهذ الشعر ، إنا قد سمعنا القراءة ، وإني لأحفظ القراءات التي كان يقرأ بهن النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة سورة من المفصل ، وسورتين من " آل حم " .

ورواه مسلم عن شيبان بن فروخ ، عن مهدي بن ميمون ، عن واصل - وهو ابن حيان الأحدب - عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن ابن مسعود به .

وقال الإمام أحمد : حدثنا قتيبة ، حدثنا ابن لهيعة ، عن الحارث بن يزيد ، عن زياد بن نعيم ، عن مسلم بن مخراق ، عن عائشة أنه ذكر لها أن ناسا يقرءون القرآن في الليل مرة أو مرتين ، فقالت : أولئك قرءوا ولم يقرءوا ، كنت أقوم مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة التمام ، فكان يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء ، فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله واستعاذ ، ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله ورغب إليه .

الحديث الثاني : حدثنا قتيبة ، حدثنا جرير ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به ) [ القيامة : 16 ] : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل جبريل بالوحي ، وكان مما يحرك به لسانه وشفتيه فيشتد عليه . وذكر تمام الحديث كما سيأتي ، وهو متفق عليه ، وفيه والذي قبله دليل على استحباب ترتيل القراءة والترسل فيها من غير هذرمة ولا سرعة مفرطة ، بل بتأمل وتفكر ، قال الله تعالى : ( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته ) [ ص : 29 ] .

وقال الإمام أحمد : حدثنا عبد الرحمن بن سفيان ، عن عاصم ، عن زر ، عن عبد الله بن عمرو ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : يقال لصاحب القرآن : اقرأ وارق ، ورتل كما كنت ترتل في الدنيا ، فإن منزلك عند آخر آية تقرؤها . [ ص: 78 ]

وقال أبو عبيد : حدثنا جرير ، عن مغيرة ، عن إبراهيم قال : قرأ علقمة على عبد الله ، فكأنه عجل ، فقال عبد الله : فداك أبي وأمي ، رتل فإنه زين القرآن . قال : وكان علقمة حسن الصوت بالقرآن .

وحدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، عن أيوب ، عن أبي جمرة قال : قلت لابن عباس : إني سريع القراءة وإني أقرأ القرآن في ثلاث فقال : لأن أقرأ البقرة في ليلة فأدبرها وأرتلها أحب إلي من أن أقرأ كما تقول .

وحدثنا حجاج ، عن شعبة وحماد بن سلمة ، عن أبي جمرة ، عن ابن عباس نحو ذلك ، إلا أن في حديث حماد : أحب إلي من أن أقرأ القرآن أجمع هذرمة .

ثم قال البخاري ، رحمه الله :

التالي السابق


الخدمات العلمية