الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( فائدة ) سجدتا السهو جبر من وجه وزجر للشيطان عن الوسواس في الصلاة من وجه ; لما في السجدتين من ترغيمه ، فإن الإنسان إذا سجد اعتزل الشيطان يبكي ويقول يا ويله أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة ، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار . فإن قيل : محرمات الحج تسع من تعمدها زجر عنها بالكفارة إلا النكاح والإنكاح فإنه يزجر عنهما بالتعزير دون التكفير فما الفرق بينهما ؟ فالجواب أن الناكح والمنكح لم يحصلا على غرضهما من المحرم الذي ارتكباه بخلاف من ارتكب سائر المحظورات فإنه يحصل على الأغراض التي حرمت لأجلها ، فإن الغرض المقصود من الطيب والدهن واللباس وستر الرأس والاستمتاع بالجماع وبما دون الجماع ، وأكل الصيد وحلق الشعر وتقليم الأظفار حاصل لمن تعاطى ذلك ، فزجر بالكفارة فطاما له عن السعي في تحصيل هذه اللذات ، والنكاح والإنكاح كلام لا يترتب عليه [ ص: 192 ] شيء من الأغراض ولا يصح وما جازت مباشرته من هذه المحظورات لعذر كانت الكفارة جبرا لا زجرا عند من جعل الكفارة زواجر ، ومن لم يجعلها زواجر جعلها جوابر لما نقص من العبادات ، ومهما جاز الإقدام على شيء من هذه المحظورات وجب كأكل المحرم المضطر الصيد فليست كفارة زاجرة بل هي جابرة لا غير ، إذ لا زجر عما أوجبه الله تعالى أو أذن فيه ، وإنما الزجر عن المفاسد المحققات . فإن قيل : كيف زجر الحنفي بالحد عن شرب النبيذ مع إباحته ؟ قلنا : ليس بمباح وإنما يخطئ في شربه ، وقد عفا الشرع عن المفاسد الواقعة من المخطئين الجاهلين دون العامدين العارفين . فإن قيل : إذا قلنا بتصويب المجتهدين فهلا كان شرب الحنفي مباحا ؟ قلنا : من صوب المجتهدين شرط في ذلك أن يكون مذهب الخصم مستندا إلى دليل ينقض الحكم المستند به إليه .

التالي السابق


الخدمات العلمية