الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال تعالى : ( وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم ) ( 10 ) .

قوله تعالى : ( وما جعله الله ) : الهاء هنا مثل الهاء التي في آل عمران .

قال تعالى : ( إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام ) ( 11 ) .

قوله تعالى : ( إذ يغشيكم ) : " إذ " مثل : ( إذ تستغيثون ) ، ويجوز أن يكون ظرفا لما دل عليه ( عزيز حكيم ) .

ويقرأ : " يغشاكم " بالتخفيف والألف . و ( النعاس ) : فاعله ، ويقرأ بضم الياء وكسر الشين وياء بعدها ، و " النعاس " بالنصب ؛ أي : يغشيكم الله النعاس .

[ ص: 458 ] ويقرأ كذلك إلا أنه بتشديد الشين .

و ( أمنة ) : مذكور في آل عمران .

( ماء ليطهركم ) : الجمهور على المد ، والجار والمجرور صفة له .

ويقرأ شاذا بالقصر ، وهي بمعنى الذي .

( رجز الشيطان ) : الجمهور على الزاي ، ويراد به هنا الوسواس ، وجاز أن يسمى رجزا ؛ لأنه سبب للرجز وهو العذاب .

وقرئ بالسين ، وأصل الرجس الشيء القذر ، فجعل ما يفضي إلى العذاب رجسا استقذارا له .

قال تعالى : ( إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ) ( 12 ) .

قوله تعالى : ( فوق الأعناق ) : هو ظرف ضربوا ، وفوق العنق الرأس .

وقيل : هو مفعول به . وقيل : فوق زائدة . ( منهم ) : حال من " كل بنان " ؛ أي : كل بنان كائنا منهم .

ويضعف أن يكون حالا من بنان ، إذ فيه تقديم حال المضاف إليه على المضاف .

قال تعالى : ( ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ) ( 13 ) .

( ذلك ) : أي الأمر ، وقيل : ذلك مبتدأ .

و ( بأنهم ) : الخبر ؛ أي : ذلك مستحق بشقاقهم .

( ومن يشاقق الله ) : إنما لم يدغم ؛ لأن القاف الثانية ساكنة في الأصل ، وحركتها هنا لالتقاء الساكنين ، فهي غير معتد بها .

[ ص: 459 ] قال تعالى : ( ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار ) ( 14 ) .

قوله تعالى : ( ذلكم فذوقوه ) : أي الأمر ذلكم ، أو ذلكم واقع ، أو مستحق ، ويجوز أن يكون في موضع نصب ؛ أي : ذوقوا ذلكم ، وجعل الفعل الذي بعده مفسرا له ، والأحسن أن يكون التقدير : باشروا ذلكم فذقوه لتكون الفاء عاطفة . ( وأن للكافرين ) : أي : والأمر أن للكافرين .

قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ) ( 15 ) .

قوله تعالى : ( زحفا ) : مصدر في موضع الحال .

وقيل : هو مصدر للحال المحذوفة ؛ أي : تزحفون زحفا . و ( الأدبار ) : مفعول ثان لتولوهم .

قال تعالى : ( ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير ) ( 16 ) .

قوله تعالى : ( متحرفا ) ، ( أو متحيزا ) : حالان من ضمير الفاعل في يولهم .

قال تعالى : ( ذلكم وأن الله موهن كيد الكافرين ) ( 18 ) .

قوله تعالى : ( ذلكم ) : أي الأمر ذلكم ، " و " الأمر " أن الله موهن " بتشديد الهاء وتخفيفها ، وبالإضافة والتنوين ، وهو ظاهر .

قال تعالى : ( إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين ) ( 19 ) .

قوله تعالى : ( وأن الله مع المؤمنين ) : يقرأ بالكسر على الاستئناف ، وبالفتح على تقدير : والأمر أن الله مع المؤمنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية