الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( فإن قالت له خالعني على ما في يدي فخالعها فلم يكن في يدها شيء فلا شيء له عليها ) لأنها لم تغره بتسمية المال ( وإن قالت خالعني على ما في يدي من مال فخالعها فلم يكن في يدها شيء ردت عليه مهرها ) لأنها لما سمت مالا لم يكن الزوج راضيا بالزوال إلا بعوض ، ولا وجه إلى إيجاب المسمى وقيمته للجهالة ولا إلى قيمة البضع : أعني مهر المثل لأنه غير متقوم حالة الخروج فتعين إيجاب ما قام به على الزوج دفعا للضرر عنه [ ص: 223 ] ( ولو قالت خالعني على ما في يدي من دراهم أو من الدراهم ففعل فلم يكن في يدها شيء فعليها ثلاثة دراهم ) لأنها سمت الجمع وأقله ثلاثة ، وكلمة من هاهنا للصلة دون التبعيض لأن الكلام يختل بدونه .

التالي السابق


( قوله لأنها لم تغره بتسمية المال ) لأن ما في يدها قد يكون متقوما وقد يكون غيره فكان بذلك راضيا إن لم يكن مالا أو كان ، ومثل هذا قولها على ما في بيتي أو ما في بيتي من شيء وليس فيه شيء لا يلزمها شيء لأن الشيء يصدق على غير المال ، فإن كان فيه شيء حال قولها فهو له كله ، ولو قالت على ما في بيتي من متاع وليس فيه مال يرجع عليها بمهرها للغرور والوجه ظاهر في الكتاب .

وقوله ( لا وجه إلا إيجاب المسمى ) أي ما سمته المرأة وهو المال ( وقيمته للجهالة ) قيل عليه يجب أن يلزمها ما يصدق عليه اسم المال وأقله درهم لما [ ص: 223 ] عرف في الإقرار ، وهو مذهب أحمد رحمه الله .

والجواب أن الجهالة توجب الفساد ، ولأن كون أقل ما هو مال درهما ممنوع ( قوله لأنها سمت الجمع وأقله ثلاثة ) فإن قيل : هذا في قولها درهم ظاهر ، أما في المحلى فينبغي أن يلزمها درهم لبطلان الجمعية باللام إلى الجنسية وهو يصدق بالفرد فينبغي أن يلزمها درهم .

فالجواب أن ذلك عند عدم إمكان العهدية ، فأما إن أمكن اعتبر كونه المراد وهو كذلك هنا فإن قولها على ما في يدي أفاد كون المسمى مظروفا بيدها وهو عام يصدق على الدراهم وغيرها ، فصار بالدراهم عهد في الجملة من حيث هو من ماصدقات لفظة ما وهو مبهم ولفظة من وقعت بيانا ومدخولها وهو الدراهم هو المبين لخصوص المظروف فصار كلفظ الذكر في قوله تعالى { وليس الذكر كالأنثى } للعهد لتقدم ذكره في قوله { ما في بطني محررا } وإن كان يخالفه في كون مدخول اللام هنا واقعا بيانا للمعهود بخلافه في وليس الذكر كالأنثى لأن المراد بلفظ ما فيه متعين لأن المنذور للبيعة إنما هو الذكر ، ولأنه لا يكون للجنس إلا عند إمكان الاستغراق لا عند عدمه ولذا يكون للجنس . لا أشتري العبيد لإمكان الاستغراق في النفي دون لأشترين العبيد لعدم الإمكان فيحنث بشراء عبد واحد بالأول ولا يبر بشراء عبد في الثاني بل بشراء ثلاثة ، وبهذا التقرير تبين لك أن من لبيان الجنس لا صلة كما ذكره المصنف ; ألا ترى إلى صدق ضابطها وهو صلاحية وضع الذي موضعها موصولا بمدخولها حال كونه خبر [ ص: 224 ] المبتدإ الذي هو ضمير المبهم هكذا ما في يدي الذي هو الدراهم كقوله تعالى { فاجتنبوا الرجس من الأوثان } لصدق الرجس الذي هو الأوثان ، اللهم إلا أن يكون له في لفظ الصلة اصطلاح ، وما قيل إن تعين الثلاثة فيما إذا لم يكن في يدها شيء لأن البضع محترم فلا بد من عدد معتبر وهو الثلاثة .

دفع بأنه فرع تقوم البضع في الخروج وهو منتف ، وفيه نظر لأن المراد أنه لما لزم المال من قولها على ما في يدي من الدراهم وكان البضع محترما فالظاهر أن يراد ببدل إسقاط الملك عنه ما هو معتبر ، والدرهم الواحد وإن صدق عليه الجنس الذي صار إليه الجمع غير ذي خطر ولذا لم يقطع العضو به ، بخلاف الجمع فإنه ذو خطر وهو من محتملات الجنس كالفرد فيحمل عليه حملا لا دلالة بالمعين المذكور ، كما أنه يحمل على الفرد بمعين لكونه المتيقن عند عدم ما يعين غيره




الخدمات العلمية