الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            وابتداء مدة المسح ( من ) تمام ( الحدث ) أي الأصغر كما علم مما مر ( بعد لبس ) لأن وقت المسح يدخل بذلك فاعتبرت مدته منه فيمسح فيها لما يشاء من الصلوات ، إذ قبله لا يتصور جواز إسناد الصلاة إلى المسح ، ولا معنى لوقت العبادة سوى الزمان الذي يجوز فعلها فيه كوقت الصلاة وغيرها ، ومن هنا يظهر ما قاله المحب الطبري وغيره إنه لا بد من انتهاء الحدث فلا يحسب زمن استمراره إلا أن يكون نوما كما أفتى به الوالد رحمه الله تعالى أخذا من تعليلهم السابق ومثله اللمس والمس ، ويجوز للابس الخف أن يجدد الوضوء قبل حدثه بل يستحب كغيره كما في المجموع ، وأفهم كلام المصنف أنه لو توضأ بعد حدثه وغسل رجليه في الخف ثم أحدث كان ابتداء مدته من حدثه الأول وهو كذلك ، وبه صرح الشيخ أبو علي في شرح الفروع ، ولو أحدث ولم يمسح حتى انقضت المدة لم [ ص: 202 ] يجز المسح حتى يستأنف ليسا على طهارة ( فإن ) ( مسح ) بعد حدثه ولو أحد خفيه ( حضرا ثم سافر ) سفر قصر ( أو عكس ) أي مسح سفرا فأقام ( لم يستوف مدة سفر ) تغليبا للحضر فيقتصر على مدة مقيم في الأولى ، وكذا في الثانية إن أقام قبل مدته وإلا وجب النزع ، وعلم من اعتبار المسح أنه لا عبرة بالحدث حضرا وإن مكث بالمدة ولا بمعنى وقت الصلاة حضرا ، وعصيانه إنما هو بالتأخير لا بالسفر الذي به الرخصة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : كما علم مما مر ) أي من أن الحدث إذا أطلق انصرف للأصغر ، أما الأكبر وحده بأن خرج منيه وهو متوضئ فلا تدخل به المدة لبقاء طهره ، فإذا أحدث حدثا آخر دخلت المدة ، وقضية هذا الكلام أن خروج المني قبل دخول المدة لا يمنع من المسح إذا أراده بعد لأنه لم يحدث ما يبطل المدة بعد دخولها ، وفيه نظر لأن ما يوجب الغسل إذا طرأ بعد المدة أبطلها ، فالقياس أنه يمنع من انعقادها ( قوله : لأن وقت المسح ) هذا التعليل يقتضي امتناع التجديد لكن سيأتي في كلامه جوازه بل سنه ، فالمراد من التعليل وقت المسح الرافع للحدث .

                                                                                                                            [ فائدة ] وقع السؤال في الدرس عما لو ابتلي بالنقطة ، وصار زمن استبرائه منها يأخذ زمنا طويلا ، هل تحسب المدة من فراغ البول أو من آخر الاستبراء ؟ فيه نظر ، والظاهر الأول ، ويوجه بأن الاستبراء إنما شرع ليأمن عوده بعد انقطاعه ، فحيث انقطع دخل وقت المسح لأنه بتقدير عوده لو توضأ في زمن انقطاعه صح وضوءه ، نعم لو فرض اتصاله حسب من آخره ( قوله : أخذا من تعليلهم السابق ) أي في قوله لأن وقت المسح يدخل إلخ ( قوله : ومثله ) أي النوم اللمس والمس اقتصاره على ما ذكر صريح في أنه إذا جن بعد لبس الخفين وقبل الحدث لا تحسب المدة إلا من الإفاقة أو حدث آخر .

                                                                                                                            وعبارة شيخنا الحلبي : ثم لا يخفى أن المراد بالحدث آخره ولو نوما أو مسا أو لمسا عند جمع متأخرين منهم حج ، ومن آخره إن كان بولا أو غائطا أو ريحا أو جنونا أو إغماء ، ومن أوله إن كان نوما أو مسا أو لمسا عند الإمام البلقيني في النوم فأفتى به والد شيخنا وقاس عليه شيخنا المس واللمس ، واختلف الكلام عنه في توجيه ذلك انتهى على محلي .

                                                                                                                            وبقي ما لو تقارن اللمس وخروج الخارج هل تحسب المدة من انتهاء الأول أو من انتهاء الثاني ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لأنه لو انفرد كان قاطعا للمدة ، بل لو سبق ابتداء خروج البول مثلا ووجد اللمس قبل انقطاعه فينبغي أن يكون كذلك ( قوله : حتى انقضت المدة ) [ ص: 202 ] أي ولو مقيما ثم عرض له السفر بعد ( قوله : حضرا ) خرج ما لو حصل الحدث في الحضر ولم يمسح فيه ، فإنه إن مضت مدة الإقامة قبل السفر وجب تجديد اللبس ، وإن مضى يوم مثلا من غير مسح ثم سافر ومضت ليلة من غير مسح له فله استيفاء مدة المسافرين وابتداؤها من الحدث الذي في الحضر ، هكذا ظهر لي من كلامهم وهو واضح نبهت عليه ليعلم ولا يذهب الوهم إلى خلافه شيخنا بهامش المحلي ا هـ سم على منهج وما ذكره مستفاد من قول الشيخ ، وعلم من اعتبار المسح ومن قوله أيضا ولو أحدث ولم يمسح حتى انقضت إلخ ( قوله : وإلا وجب النزع ) أي عند إرادة الصلاة ( قوله : لا عبرة بالحدث إلخ ) أي لا يضر في ذلك كون ابتداء المدة من الحدث كما لو سافر بعد دخول وقت الصلاة حضرا فإنه يجوز قصرها في السفر بخلاف ما لو شرع فيها قبل سفره قم ( قوله : وعصيانه ) دفع به ما يقال المسح رخصة وهي لا تناط بالمعاصي ، ووجه الدفع أن معنى قولهم الرخص لا تناط بالمعاصي أن الرخصة لا يكون سببها معصية ، والسفر هنا هو جواز للمسح ولم يعص به .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 201 ] قوله : ; لأن وقت المسح ) أي الرافع للحدث المستند إليه جواز الصلاة كما يؤخذ مما يأتي




                                                                                                                            الخدمات العلمية