الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الآداب الشرعية والمنح المرعية

ابن مفلح - محمد بن مفلح بن محمد المقدسي

صفحة جزء
[ ص: 115 ] فصل ( في محو كتب الحديث أو دفنها إذا كانت لا ينتفع بها ) .

قال بكر عن أبيه عن أبي عبد الله سمعه ، وسئل عن رجل أوصى إليه رجل أن يدفن كتبه قال : ما أدري ما هذا وقال الأثرم : قلت لأبي عبد الله : دفن دفاتر الحديث قال : أرجو أن لا يكون به بأس .

وقال في رواية أبي طالب وقد سأله عن محو كتب الحديث فقال : سبحان الله تمحي السنة والعلم قلت : ما تقول قال : لا وقال أبو طالب أبا عبد الله ما ترى في دفن العلم إذا كان الرجل يخاف أن ليس له خلف يقوم به ويخاف عليه الضيعة قال : لا يدفن ولعل ولده ينتفع به ، عبيدة أوصى أن تدفن والثوري لم يكن له ولد ولعل غير ولده ينتفع به قلت يباع قال : لا يباع العلم ولكن يدعه لولده ينتفع به أو غير ولده ينتفع به وقال في رواية المروذي وسأله عمن أوصى أن تدفن كتبه قال : ما يعجبني دفن العلم .

وقال المروذي سألت أبا عبد الله عن رجل أمر بدفن كتبه وله أولاد فأطرق مليا ثم قال : لعله ينتفع بها ، ثم قال إن كان فيها منفعة عرضت فما أعطي بها من شيء حسبت من ثلثه . وحمل أحمد بن أبي الحواري كتبه إلى البحر ففرقها وقال : لم أفعل هذا تهاونا بك ولا استخفافا بحقك ولكن كنت أطلب أن أهتدي بك إلى ربي ، فلما اهتديت بك إلى ربي استغنيت عنك . [ ص: 116 ]

فصل

قال صالح سألت أبا عبد الله عن رجل أوصاه أبوه إذا هو مات أن يدفن كتبه ، قال الابن بعد موت أبيه ما أشتهي أن أدفنها قال : إني أرجو إذا كانت مما ينتفع بالنظر فيها ورثته رجوت إن شاء الله تعالى ، وسأله المروذي عمن أوصى أن تدفن كتبه وله أولاد قال فيهم من أدرك ؟ قلت نعم قال : وعمن كتب هذه الكتب قلت : عن قوم صالحين قال : أحب العافية منها ، أكره أن أتكلم فيها ، واستعفى من أن يجيب من أن تترك أو تدفن .

قال الخلال : والذي أذهب إليه من قوله في هذا أنه إن كانت صحفا أو حديثا أنها لا تباع ولا تمحى ولا تحسب من الثلث ; لأني لا أعرف لحسابه من الثلث معنى لعله قد أوصى بثلثه في أبواب البر ، وقد توقف عنه أبو عبد الله ، والأحوط في هذا أن تدفن فهو أشبه في هذا الزمان .

التالي السابق


الخدمات العلمية