الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ استعانة القاصر ببعض الحفاظ والآداب الأخرى ] :

ثم إن ما تقدم في العارف غير العاجز ، ( وإن يخرج للرواة ) الذين ليسوا من أهل المعرفة بالحديث وعلله واختلاف وجوهه وطرقه ، وغير ذلك من أنواع علومه ، أو من أهل المعرفة ولكنهم عجزوا عن التخريج والتفتيش ; إما لكبر سن وضعف بدن كما اتفق للناظم في إملاءه بآخره لذلك شيئا مما خرجه له شيخنا رحمه الله ، وإما لطرو عمى ونحوه ، ( متقن ) من حفاظ وقتهم ( مجالس الإملاء ) التي يريدون إملاءها من الأحاديث وما يلحق بها .

إما بسؤال منهم له أو ابتداء ، ( فهو حسن ) ، بل قال الخطيب : إنه ينبغي للقاصر أن يستعين ببعض حفاظ وقته ، فقد كان جماعة من شيوخنا كأبي الحسين بن بشران ، والقاضي أبي عمر الهاشمي ، وأبي القاسم السراج وغيرهم [ ص: 271 ] يستعينون بمن يخرج لهم .

( وليس بالإملاء حين يكمل غنى عن العرض ) والمقابلة ( لـ ) إصلاح ( زيغ ) ، أو طغيان قلم ( يحصل ) ; يعني : فإن المقابلة بعد الكتابة واجبة كما تقدم في بابها حكاية عن الخطيب وغيره ; إذ لا فرق ، وحينئذ فيأتي القول بجواز الرواية من الفرع غير المقابل للشروط المتقدمة ، بل كان شيخنا لكثرة من يكتب عنه الإملاء ممن لا يحسن هم أن يجعل بكل جانب واحدا من أصحابه الذين لهم بالفن إلمام في الجملة ; ليختبر كتابتهم ويراجعونه ، فما تيسر .

والتبكير بالمجلس أولى ، إلا أن يكون في الشتاء فالأولى أن يصبر ساعة حتى يرتفع النهار .

واستحب للطالب السبق بالمجيء ; لئلا يفوته شيء ، فتشق إعادته ، فالعادة جارية - كما قال الخطيب - بكراهة تكرير ماضيه ، واستثقال الإعادة لفائته ومنقضيه ، حتى قال الثوري ويزيد بن هارون وغيرهما : من غاب خاب ، وأكل نصيبه الأصحاب ، ولم نعد له حديثا . وقال الزهري : نقل الصخر أهون من إعادة الحديث . وقال نفطويه يخاطب ثقيلا من أبيات :


خل عنا فإنما أنت فينا واو عمرو وكالحديث المعاد

ودخل بعضهم على الشيخ وقت الانصراف ، فأنشأ الشيخ يقول :


ولا يردون الماء إلا عشية     إذا صدر الوراد عن كل منهل

ولذا كان خلق يبيتون ليلة الإملاء على ابن المديني بمحل جلوسه ; حرصا على السماع ، وتخوفا من الفوات .

التالي السابق


الخدمات العلمية