الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ( 23 ) )

قال أبو جعفر : اختلف أهل التأويل فيمن عني بهذه الآية ، وفي معناها .

فقال بعضهم : عني بها المشركون . وقال : معناه : أنهم لو رزقهم الله الفهم لما أنزله على نبيه صلى الله عليه وسلم ، لم يؤمنوا به ، لأن الله قد حكم عليهم أنهم لا يؤمنون .

* ذكر من قال ذلك :

15863 - حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثني حجاج قال ، قال ابن جريج قوله : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم ) ، لقالوا : ( ائت بقرآن غير هذا ) ، [ سورة يونس : 15 ] ، ولقالوا : ( لولا اجتبيتها ) [ سورة الأعراف : 203 ] ، ولو جاءهم بقرآن غيره ( لتولوا وهم معرضون ) .

15864 - حدثني يونس قال ، أخبرنا ابن وهب قال ، قال ابن زيد في قوله : ( ولو أسمعهم لتولوا وهم معرضون ) ، قال : لو أسمعهم بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ، ما انتفعوا بذلك ، ولتولوا وهم معرضون .

15865 - وحدثني به مرة أخرى فقال : " لو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ولو أسمعهم " ، بعد أن يعلم أن لا خير فيهم ، ما نفعهم بعد أن نفذ علمه بأنهم لا ينتفعون به . * * *

وقال آخرون : بل عني بها المنافقون . قالوا : ومعناه ما : -

15866 - حدثنا به ابن حميد قال ، حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق : ( ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم ) ، لأنفذ لهم قولهم الذي قالوه بألسنتهم ، ولكن [ ص: 463 ] القلوب خالفت ذلك منهم ، ولو خرجوا معكم لتولوا وهم معرضون ، ما وفوا لكم بشيء مما خرجوا عليه . * * *

قال أبو جعفر : وأولى القول في تأويل ذلك بالصواب عندي ما قاله ابن جريج وابن زيد ، لما قد ذكرنا قبل من العلة ، وأن ذلك ليس من صفة المنافقين . * * *

قال أبو جعفر : فتأويل الآية إذا : ولو علم الله في هؤلاء القائلين خيرا ، لأسمعهم مواعظ القرآن وعبره ، حتى يعقلوا عن الله عز وجل حججه منه ، ولكنه قد علم أنه لا خير فيهم ، وأنهم ممن كتب لهم الشقاء فهم لا يؤمنون . ولو أفهمهم ذلك حتى يعلموا ويفهموا ، لتولوا عن الله وعن رسوله ، وهم معرضون عن الإيمان بما دلهم على صحته مواعظ الله وعبره وحججه ، معاندون للحق بعد العلم به . * * *

التالي السابق


الخدمات العلمية