الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وفاة سلطان الدولة وملك ولده أبي كاليجار وقتل ابن مكرم

في هذه السنة ، في شوال ، توفي الملك سلطان الدولة ( أبو شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة ) بشيراز ، وكان عمره اثنتين وعشرين سنة وخمسة أشهر . [ ص: 680 ] وكان ابنه أبو كاليجار بالأهواز ، فطلبه الأوحد أبو محمد بن مكرم ليملك بعد أبيه ، وكان هواه معه ، وكان الأتراك يريدون عمه أبا الفوارس بن بهاء الدولة ، صاحب كرمان ، فكاتبوه يطلبونه إليهم أيضا ، فتأخر أبو كاليجار عنها ، فسبقه عمه أبو الفوارس إليها فملكها .

وكان أبو المكارم بن أبي محمد بن مكرم قد أشار على أبيه ، لما رأى الاختلاف ، أن يسير إلى مكان يأمن فيه على نفسه فلم يقبل قوله ، فسار وتركه وقصد البصرة فندم أبوه حيث لم يكن معه ، فقال له العادل أبو منصور بن مافنة : المصلحة أن تقصد سيراف ، وتكون مالك أمرك ، وابنك أبو القاسم بعمان ، فتحتاج الملوك إليك . فركب سفينة ليمضي إليها ، فأصابه برد ، فبطل عن الحركة ، وأرسل العادل بن مافنة إلى كرمان لإحضار أبي الفوارس ، فسار إليه العادل ، وأبلغه رسالة ابن مكرم باستدعائه ، فسار مجدا ومعه العادل ، فوصلوا إلى فارس ، وخرج ابن مكرم يلتقي أبا الفوارس ومعه الناس ، فطالبه الأجناد بحق البيعة ، فأحالهم على ابن مكرم ، فتضجر ابن مكرم ، فقال له العادل : الرأي أن تبذل مالك وأموالنا حتى تمشي الأمور ، فانتهره فسكت ، وتلوم ابن مكرم بإيصال المال إلى الأجناد ، فشكوه إلى أبي الفوارس فقبض عليه وعلى العادل بن مافنة ، ثم قتل ابن مكرم واستبقى ابن مافنة .

فلما سمع ابنه أبو القاسم بقتله صار مع الملك أبي كاليجار وأطاعه ، وتجهز أبو كاليجار ، وقام بأمره أبو مزاحم صندل الخادم ، وكان مربيه ، وساروا بالعساكر إلى فارس ، فسير عمه أبو الفوارس عسكرا مع وزيره أبي منصور الحسن بن علي الفسوي لقتاله ، فوصل أبو كاليجار والوزير متهاون به لكثرة عسكره ، فأتوه وهو نائم ، وقد تفرق عسكره في البلد يبتاعون ما يحتاجون إليه ، وكان جاهلا بالحرب ، فلما شاهدوا أعلام أبي كاليجار شرع الوزير يرتب العسكر ، وقد داخلهم الرعب ، فحمل عليهم أبو كاليجار وهم على اضطراب ، فانهزموا ، وغنم أبو كاليجار وعسكره [ ص: 681 ] أموالهم ، ودوابهم وكل ما لهم ، فلما انتهى خبر الهزيمة إلى عمه أبي الفوارس سار إلى كرمان ، وملك أبو كاليجار بلاد فارس ودخل شيراز .

التالي السابق


الخدمات العلمية