الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          إلا من تاب وآمن وعمل صالحا فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا

                                                          الاستثناء هنا منقطع؛ وليس استثناء متصلا; فـ "من تاب وآمن "؛ لا يدخل في عموم من اتبعوا الشهوات وأضاعوا الصلاة؛ فـ "إلا "؛ بمعنى "لكن "؛ وهي مقابلة بين المؤمن وغيره؛ فالأول يتبع الشهوات؛ والثاني مؤمن تواب إلى ربه؛ راجع إليه؛ طالب؛ وقوله (تعالى): "إلا من تاب "؛ يشمل من هوي منهم الأهواء والشهوات؛ ورجع إلى ربه؛ ومن لم يسيطر عليه هواه ابتداء؛ واتبع سبيل الحق؛ ويكون التعبير عنه بـ "تاب "؛ إشارة إلى الإذعان الكامل; لأن المؤمن التواب وصل إلى أعلى درجات الإيمان؛ لأنه يستصغر أفعاله أمام الله؛ ويحسب نفسه مقصرا؛ فلا يدل بالطاعة؛ بل يستشعر الخشية الدائمة؛ ويغلب عليه الخوف؛ ولا يغلب عليه رجاء الثواب؛ لأنه يستكثر خطأه؛ ويستقل طاعته.

                                                          فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون شيئا الإشارة إلى التائبين الراجعين إلى الله (تعالى)؛ والإشارة إلى الموصوفين بأوصاف تدل على أن هذه الأوصاف سبب الحكم؛ وهو أنهم يدخلون الجنة التي هي جزاء المتقين؛ ولا يظلمون شيئا أي: لا ينقصون أي شيء من النقص؛ بل يأخذون جزاءهم جزاء وفاقا لما عملوا من طيبات؛ ولتجردهم من شهوات الدنيا؛ وخلاصهم من أهوائها المردية.

                                                          وذكر الله (تعالى) في وصف الجنة أنها التي "وعد الرحمن عباده "؛ للإشارة إلى أنها من فضل رحمته بعباده الذين يريد منهم الرشاد؛ ولا يرضى لهم الكفر والانحراف عن طريق الإيمان؛ ولذا قال:

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية